الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 25-03-2020

حاجة الأمة إلى الجهاد في سبيل الله وحكم الجهاد مع عدم القدرة

الجواب
هذه الحاجة بيَّنها الله- عز وجل في كتابه فقال: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لله﴾[البقرة: 193]، فالناس في حاجة إلى قتال الكفار الآن حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله.
ولكن هل يجب القتال أو هل يجوز القتال مع عدم القدرة عليه ؟
لا يجب، بل ولا يجوز أن نقاتل ونحن غير مستعدين له.
والدليل على هذا: أن الله- عز وجل - لم يفرض على نبيه وهو في مكة أن يقاتل المشركين، وأن الله أذن لنبيه في صلح الحديبية أن يعاهد المشركين ذلك الجهد الذي إذا تلاه الإنسان ظن أن فيه خذلانًا
للمسلمين، وكلنا يعرف كيف كانت شروط صلح الحديبية، حتى قال عمر بن الخطاب- رضي الله عنه - : يا رسول الله، ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟! قال: «بلى». قال: فلم نرضي الدَّنِيَّةَ في ديننا ؟ فظن هذا خِذلانًا، لكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لاشك أنه أفقه من عمر- رضي الله عنه- ، وأن الله تعالى أذن له في ذلك فقال - صلى الله عليه وسلم - : «إني رسول الله، ولست أعصيه، وهو ناصري».
انظر الثقة الكاملة في هذه الحال الضَّنْكة الحَرِجة، يعلن هذا لهم، يقول: « لست عاصيه وهو ناصري»، سيكون ناصرًا لي، وإن كان ظاهر الصلح أنه خِذلان للمسلمين، وهذا يدلنا على مسألة مهمة،
وهي: قوة ثقة المؤمن بربه، فهذا محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، في هذه الحال الحرجة يقول: «وهو ناصري».
وفي قصة موسى عليه السلام لما لحقه فرعون وجنوده وكان أمامهم البحر وخلفهم فرعون وجنوده، ماذا قال لأصحابه حين قالوا: إِنَّا لمُدرَكون ؟ قال: كَلاَّ، ما يمكن أن نُدرَك، ﴿إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾[الشعراء: 62] . سيهديني لشيء يكون فيه الإنقاذ. وبالفعل حصل الإنقاذ لموسى- عليه السلام- وقومه، وحصل هلاك فرعون وقومه.
فالمهم أنه يجب على المسلمين الجهادُ حتى تكون كلمة الله هي العليا، ويكون الدين كله لله، لكن الآن ليس بأيدي المسلمين ما يستطيعون به جهادَ الكفار، حتى ولا جهادَ مدافعةٍ في الواقع.
جهاد المهاجمة لا شك أنه الآن غير ممكن حتى يأتي الله- عز وجل - بأُمة واعيةٍ تستعد إيمانيًّا ونفسيًّا ثم عسكريًّا، أما ونحن على هذا الوضع، فلا يمكن أن نجاهد أعداءَنا.
ولذلك انظر إلى إخواننا في جمهورية البوسنة والهرسك ماذا يفعل بهم النصارى ؟! يمزقونهم أشلاءً، وينتهكون حرماتهم، وقيل لنا: إنهم يذبحون الطفل أمام أُمه ويجبرونها على أن تشرب دمه، نعوذ بالله. شيءٌ لا يَتَصوَّر الإنسان أنه يقع، ومع ذلك فإن الأمم النصرانية تمُاطِلُ وتتماهل وتَعِدُ وتُخِلف، والأمة الإسلامية ليس منها إلا التنديد القولي دون الفعلي من بعضها لا من كلها، وإلا فلو أن الأمة الإسلامية فعلت شيئًا- ولو قليلاً- مما تقدر عليه لأثَّر ذلك في الوضع القائم، لكن مع الأسف إننا نقف وكأننا متفرجون، ولاسيما بعض ولاة الأمور في الأمة الإسلامية، أمَّا الشعوب فمعها شعور، ومعها حركة قلبية، لكن لا يكفي هذا، والله! إن الإنسان كلما ذكر إخوانه هناك تألَّم لهم ألما شديدًا، لكن ماذا نعَمل ؟ نشكو إلى الله عز وجل، ونسأل الله تعالى أن يُقِيمَ عَلَمَ الجهاد في الأمة الإسلامية؛ حتى نقاتل أعداءنا وأعداء الله لتكون كلمة الله هي العليا.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(25/317- 320)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟