الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 25-03-2020

التقليل من دور المجاهدين وطلاب العلم

الجواب
وما ذكرت من حال طلبة العلم اليوم، فلا شكَّ أنَّ هذا موجودٌ في كثير منهم، لكن لا يشمل الجميع، ففي كثير منهم الخير، وتولي القيادة العلمية والقضائية وغير ذلك من شؤون المسلمين، والسير بها على الوجه المطلوب بِحَسَب المُستَطاع، وقد أنتجوا ما حصل به سرور المتَّقين في هذه المجالات.
وما ذكرت من حال المجاهدين اليوم، فلا شكَّ أن هذا موجود في كثير منهم لكنه لا يشمل الجميع، فالمجاهدون على درجات، منهم من يريد الدنيا، ومنهم من يريد الآخرة، كما قال الله تعالى عن أشرف جيش جُنِّدَ على وجه الأرض، بقيادة خاتم النبيين وإمام المرسلين وقدوة المتقين محمد - صلى الله عليه وسلم - : ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِين﴾[آل عمران: 152]فإذا كان هذا موجودًا في عصر الصحابة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فما بالك في هذا الوقت. وفى (صحيح البخاري) عن أبى هريرة - رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَثلُ المجاهد في سبيل الله- واللهُ أعلم بمن يجاهد في سبيله- كمثل الصائم القائم»، وفيه أيضًا «والذي نَفسي بيده لا يُكْلَمُ أحدٌ في سبيل الله- والله أعلم بمن يكلم في سبيله- إلا جاء يوم القيامة واللون لون الدَّم والريح ريح المسك».فتأمل احتراز النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: «والله أعلم بمن يجاهد أو بمن يُكْلَم في سبيله» لِتعلم به أنَّ المجاهدين يختلفون وهو واضح، ولستُ أريد بذلك فئةٌ معينه أو طائفة معينة، بل هذا عام للجهاد في وقتنا وقبله وبعده إلى يوم القيامة، وقد بوب البخاري- رحمه الله - على هذا الاحتراز قوله باب: (لا يقال فلان شهيد)، وذكر في (الفتح ) على هذه الترجمة ما رواه أحمد وغيره عن عمر - رضي الله عنه- أنه خطب فقال: تقولوا في مغازيكم فلان شهيد ومات فلان شهيدًا ولعلَّه قد يكون قد أوقرَ راحلته، ألا لا تقولون ذلكم، ولكن قولوا كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « من مات في سبيل الله أو قتل فهو شهيد».قال الحافظ: وهو حديث حسن.
وعلى هذا فلا ينبغي أن نُقلِّلَ من شأن طلب العلم، ولا من شأن الجهاد، ولا نُبرئ كل من كان في ساحتيهما مما قد يكن فيه من نقص، والعاقِلُ المنصِف يرى وينظر إلى الأشياء بعيني البصيرة في أحوال الناس من جهة واقعهم، ومن جهة تطبيقه على الشريعة، وأن لا يحكم بعين العاطفة فقط؛ لأنَّ ذلك يخشى من الزَلل، ووفق الله الجميع، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(25/403- 405)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟