الجواب
أولاً: النذر عبادة لثناء الله على من وفى به، ووعده سبحانه بحسن جزائه، قال تعالى ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ﴾[الإنسان: 7] وقال: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ﴾[البقرة: 270] وعن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه» وإذا كان نذر الطاعة عبادة وجب صرفه إلى الله وحده، والإخلاص له فيه، وكان صرفه لغير الله من نبي أو ولي أو جني أو صنم أو غير ذلك من المخلوقات شركا، وعلى هذا تكون الذبائح المنذورة لغير الله ميتة يحرم الأكل منها وتوزيعها على الناس ولو ذكر ذابحها اسم الله عليها حين ذبحها؛ لأن تسميته عليها لا تؤثر في حل الذبيحة ويجب طرحها أو إطعامها للحيوانات وأما إن كان المنذور للأولياء والصالحين غير الذبائح من خبز وتمر وحمص وحلوى ونحو ذلك مما لا يتوقف حل أكله على الذبح أو النحر فينبغي ترك توزيعه على الناس؛ لما في ذلك من ترويج البدع والتعاون على انتشارها، والمشاركة في مظاهر الشرك وإقرارها، لكنها في حكم الأموال التي أعرض عنها أهلها وتركوها لمن شاء أخذها فمن أخذ شيئا منها فلا حرج عليه.
ثانيا: لا يجوز الاحتفال بمن مات من الأنبياء والصالحين ولا إحياء ذكراهم بالموالد ورفع الأعلام، ولا بوضع السرج والشموع على قبورهم، ولا ببناء القباب والمساجد على أضرحتهم أو كسوتها أو نحو ذلك؛ لأن جميع ما ذكر من البدع المحدثة في الدين، ومن وسائل الشرك، فإن النبي- صلى الله عليه وسلم - لم يفعل ذلك بمن سبقه من الأنبياء والصالحين ولا فعله الصحابة - رضي الله عنهم - بالنبي- صلى الله عليه وسلم - ، ولا أحد من أئمة المسلمين في القرون الثلاثة التي شهد لها- صلى الله عليه وسلم - بأنها خير القرون من بعده بأحد من الأولياء والصالحين أو المملوك أو الحكام، وكل خير في اتباعه - صلى الله عليه وسلم - واتباع خلفائه الراشدين المهديين، ومن اهتدى بهديهم وسلك طريقهم، وكل شر في اتباع المبتدعة والعمل بما أحدثوا من بدع في شؤون الدين، قال الله تعالى ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾[الأحزاب: 21] وثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» متفق على صحته وثبت عنه أيضا أنه قال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك»، وثبت عنه أيضا أنه نهى عن تجصيص القبور والقعود عليها والبناء عليها، وصح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد- صلى الله عليه وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة» رواه مسلم في صحيحه. وعن العرباض بن سارية - رضي الله عنه - قال: «وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موعظة بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودع فأوصنا، قال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة» رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.