الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 25-03-2020

حكم شركات التأمين

الجواب
أما الأول: فإن السيارة إذا حصل عليها حادث وتلف ما فيها من البضاعة بدون تفريط من صاحب السيارة وبدون تعدٍّ منه فلا ضمان عليه، ولا يحل لصاحب المال الذي حمله أن يصُمِّن صاحب السيارة؛ لأن هذا المال بيده أمانة أخذه هو برضى صاحبه وحمله في السيارة فهو أمين، وكل أمين يحصل التلف تحت يده بدون تعدٍّ ولا تفريط فلا ضمان عليه، ولا يحل لصاحب المال أن يطالبه، حتى لو فرض أنه طالبه وخصمه وهو يعلم أن صاحب السيارة لم يتعد ولم يفرط، فإذا أخذه ولو بحكم القاضي فإنه حرام عليه؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : «إنما أقضي بنحو ما أسمع، فمن اقتطعت له شيئاً من حق أخيه فإنما أقتطع له جمرةً من النار فليستقل أو ليستكثر» .
أما لو كان ذلك بتعدٍّ منه أو بتفريط؛ كسرعة غير عادية، أو تفريط في الكفرات لم يتفقدها، أو غير ذلك، فعليه الضمان.
أما بالنسبة للتأمين: فإنه حرام، سواءٌ على السيارة، أو على المال، أو على السيارة والمال، أو ضد الغير، كله حرام، كله ميسر، قال الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾[المائدة:90] فقرن الله الميسر بالخمر والأنصاب والأزلام، والتأمين من الميسر.
وقد لبَّس بعض الناس على دار الإفتاء في المملكة العربية السعودية أنها تجيز التأمين التجاري كالذي أراده السائل، وأصدرت لجنة الإفتاء وعلى رأسها سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن باز بياناً بأن هذا كذبٌ على اللجنة، وأن اللجنة إنما تجيز التأمين التعاوني، بمعنى: أن يُجعل صندوق بين العائلة توضع فيه دراهم، ومن حصل عليه حادث أعانوه منه ولا يرجع إليه شيء، وأن هذا الذي نسب إلى هيئة كبار العلماء تلبيس ودجل.
فنصيحتي لإخواني المسلمين عموماً: أن يتقوا الله عز وجل، وألا ينتهكوا حرمات الله، وأن يعلموا أن المال خُلِقَ لهم ولم يخلقوا للمال، وأن يعلموا أن المال عارية إما أن تفقده في حياتك أو تموت ويكون لمن خلفك.
فالتأمين بجميع أنواعه وأشكاله حرام، لكن قيل لنا: إن بعض البلاد يجبرون الإنسان على التأمين ولا يعطونه رخصة للسيارة ولا أي معاملة إلا بالتأمين، فماذا يصنع الإنسان؟ نقول: هذه ضرورة، أعطهم ما طلبوا منك للتأمين، ولكن إذا حصل عليك حادث فلا ترجع عليهم إلا بمقدار ما أعطيتهم؛ لأن العقد الذي بينكم عقدٌ باطل شرعاً، وإذا كان باطلاً شرعاً بطل ما يستلزمه وما يقتضيه هذا العقد، ولا يحل لك أن تأخذ إلا بمقدار ما أُخذ منك فقط.
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى اللقاء الشهري، لقاء رقم(59)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟