الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 12-09-2023

حكم الصدقة على تارك الصلاة

الجواب

إذا كان تطوعًا وترجو أن ينفعهم الله بذلك لفقرهم وحاجتهم فلا بأس بذلك؛ لأن الصدقة على الكافر جائزة، ومن ترك الصلاة كفر كما قال النبي-صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» فمن ترك الصلاة من الرجال والنساء كفر، وإن لم يجحد وجوبها في أصح قولي العلماء، ولكن إن جحد وجوبها أو استهزأ بها صار كافرًا عند الجميع، نعوذ بالله من ذلك، لكن إذا كان فقيرًا، وأعطيته لفقره أو لقرابته وفقره فلا حرج عليك بذلك، ولعل الله أن يهديه بأسباب ذلك، ولعله يسمع منك النّصيحة بسبب ذلك قال الله سبحانه في كتابه العظيم:﴿لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾[الممتحنة: 8] فأذن سبحانه أنه لا ينهانا أن نحسن إلى هؤلاء، يعني الكفرة الذين لم يقاتلونا، ولم يخرجونا من ديارنا، بيّن سبحانه أنه لا ينهانا عن برهموالإحسان إليهم، وفي الصحيحين عن أسماء بنت أبي بكر الصديق-رضي الله تعالى عنهما- أخت عائشة-رضي الله عنها-،«أنها قالت للنبي-صلى الله عليه وسلم- في وقت الهدنة التي كانت بين النبي-صلى الله عليه وسلم- وبين أهل مكة الصلح، قالت:يا رسول الله، إن أمي وفدت علي، وهي راغبة في الصلة، وهي كافرة على دين قومها، ثم قالت:يا رسول الله، أفأصلها، فقال -عليه الصلاة والسلام-:صليها»فأمرها أن تصلها؛ لأنها أمها، وقد جاءت راغبة في البر والإحسان، وهي على دين قومها كفار أهل مكة، فدلّ ذلك على أنه لا مانع من صلة الكافر والإحسان إليه إذا كان فقيرًا أو قريبًا، أو لمقصد الدعوة والهداية والإرشاد والترغيب في الخير، فقد صحّ عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أنه أعطى كثيرًا من الكفرة يوم حنين، أعطاهم أموالاً جزيلة، يرغبهم في الإسلام وهم كفار، من باب التأليف، فأعطى صفوان بن أمية وهو كافر مائة من الإبل من غنائمه في حنين، وأعطى أبا سفيان مائة من الإبل، وأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عيينة بن حصن الفزاري رئيس فزارة مائة من الإبل، وأعطى العباس بن مرداس خمسينمن الإبل، ثم استزاده العباس فأعطاه كمال المائة، وأعطى غيرهم يتألفهم على الإسلام ويعينهم على الثبات على دين الحق، وأن يكونوا من أنصاره وأعوانه، فالله جل وعلا شرع لنا أن نتألف الكفار حتى يدخلوا في الإسلام، وأن نتألف حدثاء العهد بالإسلام حتى يقوى إسلامهم، وبهذا يعلم أن الصدقة على الكافر والفاسق من غير الزكاة لا بأس بها، وتجوز الصدقة على الكافر من الزكاة إذا كان مؤلفًا كرؤساء العشائر وكبار الناس إذا أعطاهم من الزكاة يتألفهم حتى يدخلوا في الإسلام، وحتى يتأسى بهم غيرهم، فلا بأس بذلك، كما قال الله عز وجل:﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ﴾[التوبة: 60].والمؤلفة قلوبهم السادة الرؤساء المطاعون في عشائرهم، يعطون من الزكاة ما يقوى به إيمانهم، ما يرغبون إليه في الدخول في الإسلام، ما يرغبون به في إسلام نظرائهم، إلى غير ذلك من المصالح، والله ولي التوفيق.

المصدر:

الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(15/378-380)


هل انتفعت بهذه الإجابة؟