الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

حكم الاستدلال على القنوت بحديث: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قنت حتى فارق الحياة)

الجواب
ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقنت في النوازل، يدعو على المعتدين من الكفار ويدعو للمستضعفين من المسلمين بالخلاص والنجاة من كيد الكافرين وأسرهم، ثم ترك ذلك ولم يخص بالقنوت فرضا دون فرض، يدل على ذلك ما رواه أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - : (قنت شهرًا يدعو على أحياء من العرب ثم تركه) رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه وفي لفظ : (قنت شهرا حين قتل القراء، فما رأيته حزن حزنا قط أشد منه) رواه البخاري وما رواه البراء بن عازب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - : (كان يقنت في صلاة المغرب والفجر) رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه وما رواه أحمد والبخاري من طريق ابن عمر أنه «سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة من الفجر يقول: اللهم العن فلانا وفلانا وفلانًا بعد ما يقول سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، فأنزل الله تعالى: إلى قوله:...» وما رواه البخاري من طريق أبي هريرة قال : (بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي العشاء إذ قال: سمع الله لمن حمده، ثم قال قبل أن يسجد: اللهم نج عياش بن ربيعة اللهم نج سلمة بن هشام اللهم نج الوليد بن الوليد اللهم نج المستضعفين من المؤمنين اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف) وما رواه البخاري ومسلم من طريق أبي هريرة قال: (لأقربن بكم صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فكان أبو هريرة يقنت في الركعة الأخيرة من صلاة الظهر والعشاء الآخرة وصلاة الصبح بعد ما يقول: سمع الله لمن حمده، فيدعو للمؤمنين ويلعن الكفار) وفي رواية لأحمد: (وصلاة العصر) مكان: صلاة العشاء الآخرة، وما رواه أحمد وأبو داود عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: (قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهرًا متتابعًا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح في دبر كل صلاة إذا قال: سمع الله لمن حمده من الركعة الآخرة، يدعو عليهم، يدعو على حي من بني سليم، على رعل وذكوان وعصية ويؤمن من خلفه)
وقد استحب مالك القنوت في الركعة الأخيرة من الصبح قبل الركوع، وذهب الشافعي إلى أن القنوت سنة بعد الركوع من الركعة الأخيرة من الصبح، وقال بذلك جماعة من السلف والخلف، واستدلوا بما تقدم من حديث البراء ونحوه، ونوقش بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك في النوازل فقط ثم ترك، وبأن الحديث لم يخص القنوت بالفجر بل دل على مشروعيته في المغرب والفجر في النوازل ودلت الأحاديث الأخرى على تعميمه في سائر الفرائض، وهم يخصون القنوت بالفجر ويقولون بالاستمرار، واستدلوا أيضًا بما روي من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يزل يقنت في الصبح حتى فارق الدنيا ونوقش بأن هذه الجملة وردت في بعض الأحاديث لكنها ضعيفة؛ لأنها من طريق أبي جعفر الرازي وقد قال فيه عبد الله بن أحمد ليس بالقوي، وقال علي بن المديني: إنه يخلط، وقال عمرو بن علي الغلاس: صدوق سيئ الحفظ، وإنما أخذ به من أخذ من الأئمة لتوثيق جماعة من أهل الجرح والتعديل أبا جعفر الرازي ولشهادة بعض الأحاديث له لكن في سند الشاهد عمرو بن عبيد القدري وليس بحجة، وبالجملة فتخصيص صلاة الصبح بالقنوت من المسائل الخلافية الاجتهادية، فمن صلى وراء إمام يقنت في الصبح خاصة قبل الركوع أو بعده فعليه أن يتابعه، وإن كان الراجح الاقتصار في القنوت بالفرائض على النوازل فقط.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر:
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(7/42- 45)
عبد الله بن منيع ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد الرزاق عفيفي ... نائب رئيس اللجنة

هل انتفعت بهذه الإجابة؟