الأحد 20 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

حكم الاجتماع على تلاوة القرآن وإهداء ثوابه للأموات

الجواب

ليس بمشروع بل هو بدعة، وقد اختلف العلماء رحمة الله عليهم هل يصل ثواب القراءة إلى الميت على قولين: أرجحهما أن ذلك لا يصل لعدم الدليل، والعبادات توقيفية ليست بالرأي والاستحسان ولا بالقياس، وقد قال -عليه الصلاة والسلام-: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد»؛ فالأرجح أنه لا تشرع الصلاة عن الميت، ولا الطواف عن الميت، ولا القراءة عنه، بل تدعو له في صلاتك، في طوافك، في قراءتك تدعو لأبيك وأمك، لأمواتك، هذا طيب إذا كانوا مسلمين، أما الصدقة عن والديك فهذا أمر مشروع ينفعهما، وينفع غيرهما أيضا من أقاربك والمسلمين جمعيا، هكذا الدعاء لوالديك ولغيرهم نافع ومفيد، كما قال الله سبحانه عن الصالحين إنهم يقولون في دعواتهم: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ﴾[الحشر: 10] هذا من دعوات الأخيار لسلفهم الصالح ومن ذلك أيضا الحج عن الميت والعاجز، والعمرة كذلك فإنها تنفع الميت، وهكذا العاجز وكبير السن، العاجز عن العمرة، والحج إذا حج عنه ولده أو غيره نفعه ذلك، لما جاء في الأحاديث الصحيحة الدالة على ذلك، ومما يلتحق بهذا الإشارة إلى ما يفعله بعض الناس من العمرة عن أمواتهم وهم في مكة، أو عن نفسه وهو مقيم في مكة كالذي جاء للحج، أو من أهل مكة ويأخذ عمرة من الحل، قد ذهب بعض أهل العلم إلى عدم شرعية ذلك، وقالوا: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يفعل ذلك حينما كان بمكة بعد الفتح، وذهب الجمهور إلى أنه لا بأس بذلك، وأنه مشروع واحتجوا على هذا، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعمر عائشة -رضي الله عنها- وكانت في مكة يوم حجة الوداع أعمرها من التنعيم، وأمر عبد الرحمن أخاها أن يخرج معها، فأدت عمرة من التنعيم، وهي في ذلك الوقت في مكة، فدل ذلك أنه لا حرج في الخروج من مكة إلى الحل لأداء العمرة؛ فكون النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يفعل ذلك لا يدل على عدم شرعية ذلك، لأنه قد يدع الشيء لأسباب كثيرة -عليه الصلاة والسلام- ومنها أنه يدعه لئلا يشق على أمته -عليه الصلاة والسلام- ، كما كان -عليه الصلاة والسلام- لا يواظب على صلاة الضحى مع أنه أوصى بذلك أبا هريرة وأبا الدرداء وأوصاهما بصلاة الضحى دائما، فصلاة الضحى دائما سنة مؤكدة، لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أوصى بها، وإن كان لا يداوم عليها، كما أخبرت بذلك عائشة -رضي الله عنها- عنه عليه الصلاة والسلام فالمقصود أنه قد يدع الشيء وهو مستحب لئلا يشق على أمته، أو لأسباب أخرى -عليه الصلاة والسلام- وقد أخبر -عليه الصلاة والسلام-: «إن أحب الصيام إلى الله صيام داود كان يصوم يوما ويفطر يوما» ومع هذا ما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يفعل هذا، فالقول غير الفعل، والتشريع القولي مقدم على التشريع الفعلي، وقد أمر عائشة بالقول -عليه الصلاة والسلام- أن تخرج للحل فتعتمر، فدل ذلك على أنه لا حرج ولا بأس في حق من خرج من مكة لأخذ عمرة عن نفسه أو عن أمواته، أو عن العاجزين من قراباته أو غيرهم، كل ذلك لا بأس به، وحديث عائشة حجة قائمة، وهو متفق على صحته نسأل الله التوفيق.

المصدر:

الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(14/ 198- 201)


هل انتفعت بهذه الإجابة؟