الأحد 20 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

حكم اتباع الجنازة بارتفاع الأصوات بالذكر, الأكل والشرب والضحك عند العودة من الدفن.

الجواب
اتباع الجنازة بارتفاع الأصوات بالذكر أو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا أعلم له أصلا في الشرع، بل السنة خفض الصوت في هذه الحالة، وأن الإنسان يحاسب نفسه، ويتذكر مصير هذا الميت ومصيره هو أيضا، لأن الموت له شأن عظيم، وذكره يحرك القلب إلى الاستعداد للقاء الله، والقيام بحقه، والحذر من معاصيه سبحانه وتعالى، فالمسلم عند اتباع الجنازة عليه أن يتأمل مصير هذا الميت ومصيره هو، وأن يعد العدة، والناس عليهم أن يخفضوا الأصوات تقديرا لهول الموقف، وشدة الحاجة إلى الاستعداد للآخرة، والتأهب للموت قبل نزوله.
وأما صنع الطعام لأهل الميت، فهذا فيه تفصيل، أما صنع الطعام من أجل المصيبة، وجمع الناس فهذا ليس من المشروع، بل من عمل الجاهلية أما إذا صنعوه لأجل ضيف نزل بهم، أو لأنفسهم فلا بأس، أو جاءهم طعام من غيرهم، يعني: مثل جيرانهم وغيرهم بأن يصنعوا لهم طعاما، لأنه قد أتاهم ما يشغلهم فلا بأس بذلك، لما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أمر أهله أن يصنعوا طعاما لأهل جعفر، لما قتل في مؤتة، لما جاء خبره إلى المدينة، -رضي الله عنه- ، جعفر بن أبي طالب، أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أهله أن يصنعوا لآل جعفر طعاما، وقال: «إنه أتاهم ما يشغلهم» فإذا صنع أقارب الميت لأهل الميت طعاما، أو جيرانه فهذا مشروع، فإذا دعا أهل الميت من يأكل معهم هذا الطعام، أو قدموه لمن كان عندهم، كل هذا لا بأس به.
أما رجوعهم بعد الدفن إلى الضحك واللعب فهذا ليس بمناسب، بل الأفضل لهم أن يتدبروا الأمر، ويظهر عليهم أمارات الحزن والاستعداد، ولهذا لما مات إبراهيم ابن النبي -صلى الله عليه وسلم- ، قال -عليه الصلاة والسلام-: «العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون» ولما حضر موت ابن بنته -عليه الصلاة والسلام- تأثر النبي -صلى الله عليه وسلم- لما حضر، فلما رأى نفس الصبي تقعقع عند الخروج بكى، فسأله بعض الحاضرين عن ذلك، فقال: «هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء» فالأفضل لأهل الميت ألا يشتغلوا بالضحك واللعب بل يقدروا الموقف، ويظهر عليهم أثر الحزن مع الرضا عن الله والاسترجاع: إنا لله وإنا إليه راجعون، والصبر والاحتساب، أما مقابلة ذلك بالضحك واللعب، فليس من المشروع وليس من المناسب بل المناسب إظهار الحزن وإظهار الدعاء للميت، والاستغفار له، وعدم إظهار اللعب والضحك، ونحو ذلك مما يدل على عدم المبالاة، وفي التأسي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- الخير والبركة، فما كان -صلى الله عليه وسلم- عند الموت يظهر الضحك، بل كان يظهر الحزن والبكاء، ويقول: إنها رحمة، وفق الله الجميع.
المصدر:
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(14/ 59- 62)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟