الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

الذكر الذي يرفع به الصوت بعد الصلاة، وهل صحيح أن علة رفع الصوت بالذكر كان لأجل التعليم ؟

الجواب
الأذكار التي يرفع الإنسان بها صوته بعد المكتوبة: كل ذكر يشرع بعد الصلاة، لما ثبت في صحيح البخاري من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «كان رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال: وكنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعتهم»، فدل هذا على أن كل ما يشرع من ذكر في أدبار الصلاة فإنه يجهر به.
وأما من زعم من أهل العلم أنه كان يجهر به في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - للتعليم، وأنه لا يسن الجهر به الآن فإن هذا في الحقيقة مبدأ خطير، لو كنا كلما جاءت سنة بمثل هذا الأمر قلنا إنها للتعليم، وأن الناس قد تعلموا الآن فلا تشرع هذه السنة لبطل كثير من السنن بهذه الطريقة، ثم نقول: الرسول - عليه الصلاة والسلام - قد أعلمهم بما يشرع بعد الصلاة، كما في قصة الفقراء الذين جاءوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في أن الأغنياء سبقوهم فقال: «ألا أخبركم بشيء تدركون به من سبقكم» ؟ ثم ذكر لهم أن يسبحوا ويكبروا ويحم-دوا ثلاثاً وثلاثين]. فقد علمهم بالقول - صلى الله عليه وسلم - .
فالصواب في هذا أنه يشرع أدبار الصلوات المكتوبة أن يجهر الإنسان بكل ما يشرع من ذكر سواء بالتهليل، أو بالتسبيح أو الاستغفار بعد السلام ثلاثاً أو بقول: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، وتباركت يا ذا الجلال والإكرام.
وأما ذكر السائل عن شيخ الإسلام بن تيميه، وتلميذه ابن القيم - رحمهما الله - من أن الدعاء قبل السلام والذكر بعده، فهذا كلام جيد جداً ويدل عليه حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - حينما ذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمهم التشهد، ثم قال بعد ذلك: «ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه». فأرشد النبي - عليه الصلاة والسلام - المصلي أن يدعو بعد التشهد مباشرة وقبل السلام.
وأما أن الذكر بعد السلام فلقول الله تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُم﴾[النساء: 103].
وعلى هذا فيكون ما بعد السلام ذكراً ويكون ما قبل السلام دعاءً هذا ما يقتضيه الحديث، وما يقتضيه القرآن، وكذلك المعنى يقتضيه أيضاً لأن المصلي بين يدي الله - عز وجل - فمادام في صلاته فإنه يناجي ربه كما أخبر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وإذا انصرف وسلم انصرف من ذلك فكيف نقول أجل الدعاء حتى تنصرف من مناجاة الله، المعقول يقتضي أن يكون الدعاء قبل أن تسلم ما دمت تناجي ربك تبارك وتعالى، وعلى هذا فيكون ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله - وتلميذه ابن القيم، هو الصواب الذي دل عليه المنقول والمعقول، ولكن لا حرج أن الإنسان يدعو بعد الصلاة أحياناً، أما اتخاذ ذلك سنة راتبة كما يفعله بعض الناس كلما انصرف من السنة رفع يديه يدعو فإن هذا لا أعلم فيه سنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(13/244- 246)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟