الجواب
التعلق بأستار الكعبة أو إلصاق الصدر عليها أو ما أشبه ذلك بدعةٌ لا أصل له فلم يكن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه - يفعلون ذلك وغاية ما ورد الالتزام فيما بين باب الكعبة والحجر الأسود فقط وأما بقية جهات الكعبة وأركانها فإنه لم يرد عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وأصحابه أنهم كانوا يلتزمونها أو يلصقون صدورهم بها وكذلك ما ذكره السائل من أن بعض الحجاج يأخذ الدراهم ويمسح بها على الحجر الأسود، فهو أيضاً بدعة لا أصل له والحجر الأسود لا يتبرك بمسحه وإنما يتعبد لله تعالى بمسحه كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يقبل الحجر الأسود : (إني أعلم أنك حجرٌ لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقبلك ما قبلتك) وليعلم أن العبادات مبناها على الاتباع لا على الذوق والابتداع فليس كل ما عنّ للإنسان واستحسنه بقلبه يكون عبادة لله حتى يأتي سلطان من الله عز وجل على أن ذلك مما يحبه ويقرب إليه وقد أنكر الله تعالى على الذين يتعبدون بشرعٍ لم يأذن به فقال: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾[الشورى: 21] وثبت عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه قال: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» أي مردودٌ على صاحبه غير مقبولٍ منه وغاية ما نقول لهؤلاء الجهال أنهم معذورون لجهلهم غير مثابين على فعلهم لأن هذا بدعة وقد قال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- : «كل بدعةٍ ضلالة» فنصيحتي لإخواننا الحجاج والعمار أن يعبدوا الله تعالى على بصيرة وأن لا يتقربوا إلى الله تعالى بما لم يشرِّعه وأن يصطحبوا معهم مناسك الحج والعمرة التي ألفها علماء موثوقون بعلمهم وأمانتهم والواجب على الموجهين لهم الذي يسمون المطوفين الواجب عليهم أن يتقوا الله عز وجل وأن يتعلموا أحكام الحج والعمرة قبل أن يتصدروا لهدي الناس إليها وإذا تعلموها فالواجب عليهم أن يحملوا الناس عليها أي على ما جاءت به السنة من مناسك الحج والعمرة ليكونوا هداةً مهتدين دعاةً إلى الله تعالى مصلحين أما بقاء الوضع على ما هو عليه الآن من كون المطوفين لا يفعلون شيئاً يحصل به اتباع السنة وغاية ما عندهم أن يلقنوا الحجاج دعواتٍ في كل شوط دون أن يهدوهم إلى مواضع النسك المشروعة ومن المعلوم أن تخصيص كل شوطٍ بدعاءٍ معين لا أصل له في السنة بل هو بدعة نص على ذلك أهل العلم رحمهم الله فلم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه جعل للشوط الأول دعاءً خاصاً وللثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والسابع كذلك وغاية ما ورد عنه التكبير عند الحجر الأسود وقول: ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾[البقرة: 201] بين الركن اليماني والحجر الأسود، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول في ابتداء طوافه: (بسم الله والله أكبر اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك ووفاءً بعهدك واتباعاً لسنة نبيك -محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم-)
والخلاصة أي خلاصة الجواب على هذا السؤال: أنه لا يشرع للإنسان أن يتمسح بكسوة الكعبة أو بشيءٍ من أركانها أو بشيءٍ من جهات جدرانها أو يلصق ظهره على ذلك، بل هذا بدعةٌ لم يرد عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وأصحابه وغاية ما هنالك أنه ورد عنهم الالتزام وموضعه بين الحجر الأسود وباب الكعبة وكذلك ما يتعلق بتقبيل الحجر الأسود واستلامه واستلام الركن اليماني فنسأل الله تعالى لنا ولإخواننا أن يهدينا صراطه المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.