الجواب
شهر رجب كغيره من الأشهر الحرم، ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم هذه ثلاثة متوالية ورجب منفرد، والأشهر الحرم المعاصي فيها أعظم من غيرها، لقول الله تعالى: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾[البقرة: 217].
وشهر رجب صار بعض السلف يعتمرون فيه؛ لأنه نصف الحول إذا أسقطنا الثلاثة الحرم الأول: ذو القعدة، ذو الحجة، المحرم، وبدأنا بصفر صار رجب هو الشهر السادس نصف السنة، وإن بدأنا من محرم صار شهر رجب هو السابع فبعض السلف فكانوا يعتمرون في هذا الشهر لئلا يتأخروا عن زيارة البيت الحرام، حتى يبقى البيت الحرام معموراً في آخر السنة، وفي وسط السنة، أما النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فإنه لم يعتمر فيه، فكل عمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - كانت في أشهر الحج، ولم يعتمر لا في رمضان ولا في رجب، لكن رمضان ورد فيه أن عمرة في رمضان تعدل حجة، أما رجب فلم يعتمر فيه، ورجب يظن بعض الناس أنه تسن فيه زيارة المسجد النبوي ويسمونها الرجبية، وهذا لا أصل له، ولا يعرفه السلف ولا قدماء الأمة فهو بدعة محدثة، ليست من دين الله عز وجل، وزيارة المسجد النبوي مشروعة في كل وقت.
كذلك رجب يظن بعض الناس أن الإسراء والمعراج كان في رجب في ليلة سبع وعشرين وهذا غلط ولم يصح فيه أثر عن السلف أبداً، حتى إن ابن حزم - رحمه الله - حكى الإجماع على أن الإسراء والمعراج كان في ربيع الأول، ولكن الخلاف موجود حقيقة، فلا إجماع، وأهل التاريخ اختلفوا في هذا على نحو عشرة أقوال؛ ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : كل الأحاديث في ذلك ضعيفة منقطعة مختلفة، لا يعول عليها، إذن ليس المعراج في رجب وأقرب ما يكون أنه في ربيع، هذه.
ثانياً: لو فرضنا أنه في رجب وفي ليلة سبع وعشرين هل لنا أن نحدث في هذه الليلة احتفالاً وفي صبيحتها تعطيلاً للأعمال ؟ أبداً، فهذه بدعة دينية قبيحة وبدعة منكرة، حتى إن بعض الناس يظنون أن ليلة المعراج أفضل للأمة من ليلة القدر،- والعياذ بالله - ، وهذا غلط محض، فلذلك يجب علينا نحن أواخر هذه الأمة أن ننظر إلى ما فعله سلف الأمة قبل ظهور البدع وأن نبين للناس، ومن بان له الحق ولم يتبعه فهو على خطر لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً﴾[النساء: 115].