الخميس 24 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

ما الواجب على من اعتاد لسانه الاستعانة بالجن ...والحلف بغير الله ؟

الجواب
يجب أن يعود لسانه الكلام الطيب ، ويحذر الكلام المنكر ، وليس هذا بعذر ، يجب أن يحفظ لسانه عما حرم الله ، والاستغاثة بالجن ودعاء الجن من الشرك بالله جل وعلا ، قال تعالى: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾[الجن: 6] . كان كثير من العرب في جاهليتها تعبد الجن ، وتستعيذ بهم وتخافهم ، فالواجب على المؤمن أن يحذر ذلك وأن يثق بالله ، ويعتمد على الله ويستعيذ بكلمات الله التامات ، ليلا ونهارا من شر ما خلق ، ويقيه الله شرهم يقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، في ليله ونهاره في أي منزل وفي أي مكان ، أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، يكررها ثلاثا أو أكثر دائما: صباحا ومساء ، وينجيه الله من شرهم ، وهكذا إذا قال: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء ، وهو السميع العليم ثلاث مرات ، صباحا ومساء ، هذا من أسباب العافية من كل شيء ، وهكذا قراءة قل هو الله أحد والمعوذتين صباحا ومساء: ثلاث مرات ، بعد الفجر وبعد المغرب من أسباب السلامة من كل شر ، المقصود أن الواجب عليه أن يحفظ لسانه عما حرم الله من فعل الكلام الرديء ، لا من دعائه للجن ولا من الحلف بغير الله ، ولا بغير هذا من سائر الكلام المنكر ، وليس له عذر بقوله اعتاد لسانه بل يحذر ، ويحفظ لسانه عما حرم الله ، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت» . والله يقول في كتابه العظيم: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾[ق: 18]. فهو مسئول عن كلامه ، فعليه أن يحفظ لسانه ، عن كل ما حرم الله ، من الغيبة والنميمة والسب ، دعاء الجن ، التوسل بالمخلوقات إلى الله ، كأن يتوسل بالنبي أو بجاه النبي ، أو بحق النبي كل هذا لا يجوز ؛ التوسل يكون بدعاء الله وتوحيده ، التوسل بالإيمان به سبحانه ، واتباع الشريعة التوسل بأعمالك الصالحة ، كل هذا طيب . اللهم إني أسأل بإيماني بك ، . بمحبتي لك ، باتباعي نبيك -صلى الله عليه وسلم- ببري والدي ، بصلتي للرحم ، بأدائي للأمانة ، يتوسل بأعماله مثل أصحاب الغار ، توسلوا إلى الله بأعمالهم الصالحة ، فأنجاهم الله وفرج كربتهم ، أخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن ثلاثة من الذين قبلنا ، آواهم المبيت والمطر إلى غار ، فدخلوا فيه من أجل المطر والليل ، ليبيتوا فيه ، فأنزل الله صخرة تدحرجت من أعلى الجبل ، حتى سدت عليهم الغار ، ولم يستطيعوا لها دفعا ، فقالوا فيما بينهم: لن يخلصكم من هذه الصخرة ، إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم ، فتوسلوا إلى الله بصالح أعمالهم ، فأنجاهم الله منها ، قال أحدهم: اللهم إنه كان لي أبوان شيخان كبيران ، وكنت لا أغبق قبلهما أهلاً ولا مالاً ، الغبوق يعني الحليب في أول الليل ، من عادة البادية شرب الغبوق في الليل ، إذا حلبوا الإبل ، فكان يأتي بالحليب ليسقي والديه ، قبل أهله ، فنأى به طلب الشجر ذات ليلة ، فتأخر فجاءهما ووجدهما نائمين ، فكره أن يوقظهما ، وبقي واقفا بالقدح ينتظر إيقاظهما ، والصبية عنده يتضاغون يريدون الحليب ، من شدة حبه لوالديه وبره لهما ، بقى واقفا حتى طلع الفجر ، فاستيقظا ، فسقاهما ، ثم قال: اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك ، فافرج عنا ما نحن فيه ، فانفرجت الصخرة بعض الشيء ، لكن لا يستطيعون الخروج ، ثم قال الثاني: اللهم إنه كان لي ابنة عم من أحب الناس إلي ، فراودتها عن نفسها - يعني بالزنى - فأبت علي ، فألمت بها سنة شديدة - يعني حاجة - فجاءت إلي تطلب الرفد وسد الحاجة ، فقال لا ، حتى تمكنيني من نفسك - يعني حتى تسمح له بالزنى - فعند الضرورة سمحت ، فلما جلس بين رجليها ، قالت: يا عبد الله اتق الله ، ولا تفض الخاتم إلا بحقه ، وقد أعطاها مائة دينار أو عشرين دينارا ، مائة جنيه أو عشرين جنيها ، فلما قالت له: اتق الله ، ولا تفض الخاتم إلا بحقه ، خاف من الله وقام وتركها ، وترك الذهب لها ، ثم قال في هذه الحادثة: اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك ، فافرج عنا ما نحن فيه ، يعني ترك الزنى وترك الذهب خوفا منه ، فافرج عنا ما نحن فيه ، فانفرجت الصخرة قليلا أيضا ، لكن لا يستطيعون الخروج ، ثم قام الثالث ، فقال: اللهم إنه كان لي أجراء - عمال عنده - فأعطيتهم حقوقهم إلا واحدا ، بقي له الحق عندي ، فنميته وثمرته في إبل وبقر وغنم وعبيد ، انتظر مجيئه ليأخذ حقه ، صار يتصرف فيه يتجر فيه ، اشترى منه إبلا ونعما ، في جعله والباقي آصع من شعير ، أو من ذرة أو من أرز ، فنمى هذا المال ، نماه ، تاجر فيه ، واشترى منه الإبل والبقر والغنم والرقيق ، فجاءه بعد مدة ، قال: يا عبد الله أعطني حقي الذي خليت عندك . قال: يا فلان كل ما ترى من حقك ، كله لك ، هذه الإبل والبقر والغنم والعبيد ، كلها من حقك ، ثمرته لك ، فقال: يا عبد الله لا تستهزئ بي ، قال: إني لا أستهزئ بك هو من حقك خذه ، فاستاقه كله ، استاق الإبل والبقر والغنم والعبيد ، ثم قال الرجل: اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك ، فافرج عنا ما نحن فيه ، فانفرجت الصخرة ، وخرجوا ، بأسباب أعمالهم الصالحة التي توسلوا بها إلى الله عز وجل ، فنفعتهم عند الشدة ، وأنجاهم الله بها عند الشدة ، فتوسل إلى الله بإيمانك وتقواك ، وبر والديك وأدائك الحقوق ، وسيلة صالحة ، وهكذا التوسل بتوحيد الله والإخلاص له ، والإيمان به كله وسيلة صالحة ، توسل إلى الله بأنك تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وأنك تؤمن بالله ورسوله ، وأنك تؤمن باليوم الآخر ، كله وسيلة شرعية ، اللهم إني أسألك بأسمائك وصفاتك ، وسيلة شرعية ، أما التوسل بمخلوقات فلا ، جاه النبي ، أو بحق النبي أو بجاه فلان ، أو شرف فلان ، وسيلة باطلة ما تنفع ، ليست وسيلة شرعية .
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن باز(28/51)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟