الجمعة 18 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 26-03-2020

كيف يتعامل مع والده الظالم ؟

الجواب
أوجه النصيحة إلى هذا الأب من وجهين:
الوجه الأول: فيما بينه وبين ربه، فأقول: اتق الله في نفسك وفي أهلك وفي إخوانك فإنك لا تدري متى يفجؤك الموت، وإذا كنت ظالماً فإن الظالم قد يعاقب بسوء الخاتمة والعياذ بالله، وإذا مات الإنسان على غير هدى وتقوى فيا ويله ويا خسارته، ولهذا ذكر ابن القيم - رحمه الله - عن رجل كان يرابي - يتعامل بالربا - فيعطي العشرة بإحدى عشر أو بأكثر فلما حضرته الوفاة حضره بعض أهله، فكان يقول له: قل: لا إله إلا الله، فيقول: العشر بإحدى عشر، كلما قيل: قل لا إله إلا الله قال: العشر بإحدى عشر، ختم له بسوء الخاتمة والعياذ بالله، لأنه تعلق قلبه بالدنيا ونسي الآخرة ونسي الله عز جل، فنقول لهذا الأب المبتلى بهذه الفتنة والعياذ بالله: مطالبة الناس وأكل أموال الناس بالباطل اتق الله في نفسك، وإني أذكره بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : «من حلف على يمينٍ هو فيها فاجر يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان» والعياذ بالله، وقال عليه الصلاة والسلام: «من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً طوقه الله به يوم القيامة من سبع أرضين» تكون هذه القطعة طوقاً في عنقه يوم القيامة اليوم الذي يشهده الأولون والآخرون يكون طوقاً في عنقه والعياذ بالله، واليوم هذا كم مقداره ؟ خمسون ألف سنة، فعليه أن يتوب ويرد الحقوق إلى أهلها مما أخذه بغير حق.
أما الأمر الثاني: فمعاملته مع من ينصحه من أولاده بنين أو بنات أو إخوان له ينصحونه: فإن الواجب على من نُصح أن يتشكر ممن نصحه؛ لأنه ما أسدى أحدٌ معروفاً إلى أحد أبلغ من نصيحةٍ تنفعه في دينه ودنياه، كيف يقابل النصيحة والعياذ بالله بالسب والشتم، بل سمعنا في السؤال: أنه يسب الدين والعياذ بالله، يسب الدين الذي تأمره به ابنته، وسب دين الله كفرٌ مخرجٌ عن الملة، وهذا الرجل لو مات على هذا السب لكان خالداً مخلداً في نار جهنم والعياذ بالله، لا ينفعه مالٌ ولا بنون، فعليه أن يراجع نفسه وأن يتوب إلى الله وباب التوبة مفتوح والحمد لله، يقول الله عز وجل: ﴿قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ * أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنْ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنْ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ * بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ﴾[الزمر: 53-59] آيات عظيمة.
على هذا الأب أن يتلوها بتمعن وتفكر وتدبر لعلَّ الله سبحانه وتعالى أن يدركه برحمته وفضله، نسأل الله أن يتوب علينا وعليه وأن يهديه صراطه المستقيم إنه على كل شيء قدير.
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى اللقاء الشهري، لقاء رقم(35)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟