الأحد 20 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

كيف نجمع بين حديث جبريل وبين حديث وفد عبد القيس في مسائل الإيمان؟

الجواب
قبل الإجابة على هذا السؤال أود أن أقول: إن الكتاب والسنة ليس بينهما تعارض أبدا، فليس في القرآن ما يناقض بعضه بعضا، وليس في السنة الصحيحة عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ما يناقض بعضه بعضا، وليس في القرآن ولا في السنة ما يناقض الواقع أبدا؛ لأن الواقع واقع حق، والكتاب والسنة حق، ولا يمكن التناقض في الحق، وإذا فهمت هذه القاعدة انحلت عنك إشكالات كثيرة. قال الله تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾[النساء: 82]. فإذا كان الأمر كذلك فأحاديث النبي-صلى الله عليه وسلم- لا يمكن أن تتناقض فإذا فسر النبي-صلى الله عليه وسلم- الإيمان بتفسير، وفسره في موضع آخر بتفسير آخر يعارض في نظرك التفسير الأول، فإنك إذا تأملت لم تجد معارضة: ففي حديث جبريل، عليه الصلاة والسلام، قسم النبي-صلى الله عليه وسلم- الدين إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: الإسلام.
القسم الثاني: الإيمان.
القسم الثالث: الإحسان.
وفي حديث وفد عبد القيس لم يذكر إلا قسما واحدا وهو الإسلام.
فالإسلام عند الإطلاق يدخل فيه الإيمان؛ لأنه لا يمكن أن يقوم بشعائر الإسلام إلا من كان مؤمنا فإذا ذكر الإسلام وحده شمل الإيمان، وإذا ذكر الإيمان وحده شمل الإسلام، وإذا ذكرا جميعا صار الإيمان يتعلق بالقلوب، والإسلام يتعلق بالجوارح، وهذه فائدة مهمة لطالب العلم فالإسلام إذا ذكر وحده دخل فيه الإيمان قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾[آل عمران: 19].
ومن المعلوم أن دين الإسلام عقيدة وإيمان وشرائع، وإذا ذكر الإيمان وحده دخل فيه الإسلام، وإذا ذكرا جميعا صار الإيمان ما يتعلق بالقلوب، والإسلام ما يتعلق بالجوارح، ولهذا قال بعض السلف: (الإسلام علانية، والإيمان سر) لأنه في القلب، ولذلك ربما تجد منافقا يصلي ويتصدق ويصوم فهذا مسلم ظاهرا غير مؤمن كما قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾[البقرة: 8].
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(1/52-54)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟