الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

بيان تقرير ابن القيم لمقام الإحسان

الجواب
لا شك أن اليقين يتفاوت تفاوتاً عظيماً، فأحياناً يصل بالإنسان إلى أن يكون اليقين المخبر به كالمشاهد بعينه، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: «أن تعبد الله كأنك تراه» وهذه المنزلة العليا، فإن لم تكن تراه فتعبد له تعبد الخائف، ولهذا قال: «فإن لم تكن تراه فإنه يراك» وهذا هو الذي جعل ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ ما ـ يقول: (إن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ رأى ربه بفؤاده) أي: بقلبه لا رؤية عين، والرؤية بالقلب أقوى من رؤية العين من وجه، والرؤية بالعين أقوى من رؤية القلب من وجه آخر، فباعتبار اليقين وحلاوة الإيمان وذوق الإيمان رؤية القلب أعلى، وباعتبار الإدراك رؤية العين أقوى؛ لأنه يشاهد الشيء محسوساً أمامه، وهذه المرتبة -أعني: مرتبة الرؤية بالقلب- مرتبة لا ينالها إلا القليل من الناس، أكثر الناس إيمانهم مبني على مجرد الخبر الصادق، وكفى به دليلاً، ولكن اليقين الذي يحصل بعد هذه المرتبة يكون أقوى، وأما قوله في آخر كلامه: وإيمان غيره محض تقليد العميان، يريد بذلك الإيمان الضعيف المهلهل الذي يكاد يكون صاحبه يقول سمعتهم يقولون شيئاً فقلته، وأما الإيمان الحقيقي فإنه ليس تقليد عميان؛ لأن الإنسان يؤمن به على أنه حق يشاهده.
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من لقاءات الباب المفتوح، لقاء رقم(63)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟