الجمعة 18 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

الغلو في الأموات وطلب قضاء الحاجات منهم

السؤال
فتوى رقم(3068)
في هذه الأيام نرى جماعة من المسلمين قد تغالوا في حب الموتى، يدعونهم ويطلبون منهم حاجاتهم، ويشتكون إليهم مصائبهم معتقدين أنهم يحضرون في مجالسهم إذا دعوهم ويفرجون كروبهم، ومن العادات المنتشرة بينهم أن يجتمع الناس في ليلة من الليالي في غرفة مظلمة ويدعون عبد القادر الجيلاني -رضي الله عنه- ألف مرة معتقدين أنه أمرهم بذلك وأنه يحضرهم ويقضي حاجاتهم إذا فعلوا ذلك ويستدلون على ذلك بالأبيات التالية ويقرؤنها بكل خضوع وخشوع وبكل حب وإذلال، ومن هذه الأبيات ما يلي:
يا قطب أهل السماء والأرض غوثهما *** يا فيض عيني وجوديهم وغيثهما
يا ابن العليين قد أحرزت إرثهما *** يا خير من كان يدعى محي الدين
يا غوث الأعظم كل الدهر والحين *** أعلى ولي بتحكيم وتمكين
أولى فقير إلى المولى ومسكين *** أنت الذي الدين سمى محي الدين
وقد أتاك خطاب الله مستمعا *** يا غوث الأعظم كن بالقرب مجتمعا
أنت الخليفة لي في الكون ملتمعا *** سميت باسم عظيم محي الدين
ومنها أيضا:
ومن ينادي اسمي ألفا بخلوته *** عزما بهمة صرما لغفوته
أجبته مسرعا من أجل دعوته *** فليدع يا عبد القادر محي الدين
يا غوث الأعظم عبد القادر السرعة *** يا سيدي احضرني يا محي الدين
ومنها أيضا:
يا سيدي سندي غوثي ويا مددي *** كن لي ظهيرا على الأعداء بالمدد
مجير عرضي وخذ يدي مدي ومددي *** خليفة الله فينا محي الدين
كهف اللهيف أمان قلب حائر *** مأوى الضعيف ضمان قصد ناذر
غوث الذي كان في البحر كان كعاثر *** يا سيد السادات عبد القادر
ويقرأون هذه الأبيات ثم يدعون محي الدين عبد القادر ألف مرة. وعندنا يوجد قبر ولي في بلدة (الناهور) والمسلمون ينادونه بكل خشوع وخضوع في المجالس كالتالي:
يا صاحب الناهور كن لي ناصر *** في السمع والأعضاء وحسن الباصر
ويطول عمر لا بعمر قاصر *** يا مجمع الخيرات عبد القادر
كن لي ملاذا يوم فخر الفاخر *** لشدائد الدنيا يوم آخر
ومثل هذه الأبيات توجد كثيرة جدا ولا يخلو بيت من البيوت عنها - ولو خلا عن المصحف ويقرأون هذه الأبيات في كل المناسبات والحفلات ويشترك فيها من ينتسب إلى العلوم الدينية ويجوزونها. وأرجو منكم أن تفكروا في معاني هذه الأبيات ثم تجيبوا على الأسئلة التالية بأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة بإجابة واضحة لكي ننشرها ونوزعها بين المسلمين ليظهر الحق ويزهق الباطل ولعلهم يهتدون بها.
السؤال1: هل يجوز لمسلم أن يقرأها وأمثالها من الأبيات تعبدا ويعتقد ما فيها من المعاني؟
السؤال2: هل يجوز لمسلم أن ينادي عبد القادر الجيلاني -رضي الله عنه- ألف مرة في غرفة مظلمة بكل خشوع وخضوع ويطلب حضوره؟
السؤال3: ما حكم من يفعل ذلك في الإسلام؟
السؤال4: هل يجوز لمسلم أن يصلي وراء من يعتقد بهذه الاعتقادات ويشترك في هذه الحفلات وما واجب المسلمين نحوهم؟
الجواب
أولاً: دعاء غير الله من الأموات والغائبين والاستعانة بهم في كشف غمة أو تفريج كربة أو شفاء مريض أو نحو ذلك شرك؛ لأن هذا الدعاء وهذه الاستغاثة عبادة وقربة فالتوجه بها إلى الله وحده توحيد، وصرفها لغيره شرك أكبر، ومن ذلك قراءة ما في السؤال من الأدعية وأمثالها واعتقاد ما فيها فهو شرك أكبر يخرج من ملة الإسلام -والعياذ بالله- قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ * وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾[يونس: 106- 107] وقال: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾[الجن: 18] وقال سبحانه: ﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾[المؤمنون: 117] إلى غير ذلك من الآيات التي دلت على اختصاص الله بالاستغاثة والدعاء، وثبت أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله» الحديث.
ثانيًا: على ذلك لا يجوز أن ينادي المسلم الشيخ عبد القادر الجيلاني، ولا غيره، سواء كان نبيا أم صالحا ليحضر أو ليغيث ملهوفا أو يفرج كربة أو لينال الحاضرين بركته أو لغير ذلك من الأغراض، بل نداؤه شرك أكبر، وهو بريء ممن دعاه ولا يسمعه ولا يستجيب له، كما قال تعالى بعد ذكر آيات ربوبيته: ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾[فاطر: 13، 14]. ثالثا: يعلم مما تقدم: أن من فعل ذلك ممن ينتسبون للإسلام فإنه يكون بذلك مشركا شركا أكبر بنص كتاب الله وسنة نبيه-صلى الله عليه وسلم-.
رابعا: وبناء عليه: لا تصح الصلاة وراءه؛ لأنه مشرك شركا أكبر يخرج عن ملة الإسلام.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
المصدر:
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(1/128- 133)
عبد الله بن قعود ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد الرزاق عفيفي ... نائب رئيس اللجنة
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس

هل انتفعت بهذه الإجابة؟