السبت 19 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

الجمع بين آيتين في القضاء والقدر ظاهرهما التعارض

الجواب
الجمع بينهما أن الله تعالى يخبر في بعض الآيات بأن الأمر بيده ويخبر في بعض الآيات أن الأمر راجع إلى المكلف، والجمع بين هذه النصوص أن يقال: إن للمكلف إرادة واختيارًا وقدرة، وإن خالق هذه الإرادة والاختيار والقدرة هو الله -عز وجل- فلا يكون للمخلوق إرادة إلا بمشيئة الله -عز وجل- وقد قال الله تعالى مبينًا الجمع بين هذه النصوص: ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾[التكوير: 28- 29] ولكن متى يشاء الله تعالى أن يهدي الإنسان أو أن يضله؟
هذا هو ما جاء في قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى* وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى* وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى* وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾[الليل: 5-10] واقرأ قوله: تعالى: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾[الصف: 5] تجد أن سبب ضلال العبد من نفسه فهو السبب، والله تعالى يخلق عند ذلك فيه إرادة للسوء لأنه هو يريد السوء، وأما من أراد الخير وسعى في الخير وحرص عليه فإن الله تعالى ييسره لليسرى، ولما حدَّث النبي-صلى الله عليه وسلم- أصحابه: بأنه ما من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعدة من النار قالوا يا رسول الله أفلا نتكل على الكتاب وندع العمل؟
قال: «لا، اعملوا فكل ميسر لما خلق له» ثم قرأ هذه الآية ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى﴾[الليل: 5] إلخ.
واعلم يا أخي أنه لا يمكن أن يوجد في كلام الله أو فيما صح عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ، تناقض أبدًا، فإذا قرأت نصين ظاهرهما التناقض فأعد النظر مرة أخرى، فسيتبين لك الأمر، فإن لم تعلم فالواجب عليك التوقف وأن تكل الأمر إلى عالمه والله بكل شيء عليم.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(2/101-102)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟