الجواب
أولاً: ضمان البنك لكم بربح على المبلغ الذي يضمنكم فيه لمن تلتزمون له بتنفيذ أي عقد لا يجوز؛ لأن الربح الذي يأخذه زيادة ربوية محرمة، والربا -كما هو معروف- محرم بالكتاب والسنة وإجماع الأمة.
ثانيًا: التأمين التجاري حرام؛ لما يأتي:
1 - عقد التأمين التجاري من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية، المشتملة على الغرر الفاحش؛ لأن المستأمن لا يستطيع أن يعرف وقت العقد مقدار ما يعطى أو يأخذ، فقد يدفع قسطا أو قسطين، ثم تقع الكارثة فيستحق ما التزم به المؤمن، وقد لا تقع الكارثة أصلا فيدفع جميع الأقساط، ولا يأخذ شيئا، وكذلك المؤمن لا يستطيع أن يحدد ما يعطى ويأخذ بالنسبة لكل عقد. بمفرده، وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- النهي عن بيع الغرر.
2 - عقد التأمين التجاري ضرب من ضروب المقامرة؛ لما فيه من المخاطرة في معاوضات مالية، ومن الغرم بلا جناية أو تسبب فيها، ومن الغنم بلا مقابل أو مقابل غير مكافئ، فإن المستأمن قد يدفع قسطا من التأمين، ثم يقع الحادث، فيغرم المؤمن كل مبلغ التأمين، وقد لا يقع الخطر، ومع ذلك يغنم المؤمن أقساط التأمين بلا مقابل، وإذا استحكمت في الجهالة كان قمارا، ودخل في عموم النهي عن الميسر في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾[المائدة: 90] والآية بعدها.
3 - عقد التأمين التجاري يشتمل على ربا الفضل والنسأ، فإن الشركة إذا دفعت للمستأمن أو لورثته أو للمستفيد أكثر مما دفعه من النقود لها فهو ربا فضل، والمؤمن يدفع ذلك للمستأمن بعد مدة العقد، فيكون ربا نسأ، وإذا دفعت الشركة للمستأمن مثلما دفعه لها يكون ربا نسأ فقط، وكلاهما محرم بالنص والإجماع.
4 - عقد التأمين التجاري من الرهان المحرم؛ لأن كلا منهما فيه جهالة وغرر ومقامرة، ولم يبح الشرع من الرهان إلا ما فيه نصرة للإسلام، وظهور لأعلامه بالحجة والسنان، وقد حصر النبي -صلى الله عليه وسلم- رخصة الرهان بعوض في ثلاثة بقوله -صلى الله عليه وسلم- : «لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل» وليس التأمين من ذلك، ولا شبيها به، فكان محرما. 5 - عقد التأمين التجاري فيه أخذ مال الغير بلا مقابل، وأخذ بلا مقابل في عقود المعاوضات التجارية محرم؛ لدخوله في عموم النهي في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾[النساء: 29] 6 - في عقد التأمين التجاري إلزام بما لا يلزم شرعا، فإن المؤمن لم يحدث الخطر منه، ولم يتسبب في حدوثه، وإنما كان منه مجرد التعاقد مع المستأمن على ضمان الخطر على تقدير وقوعه، مقابل مبلغ يدفعه المستأمن له، والمؤمن لم يبذل عملا للمستأمن فكان حراما. نرجو أن يكون فيما ذكرناه نفع للسائل وكفاية. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.