الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

إيضاح في صفة الوجود

السؤال
السؤال الرابع من الفتوى رقم(6915)
سؤالي في خطابي السابق عن كلمة الموجود لم يكن استفهاما عن وجود الله، فأنا أعلم علم اليقين أن الله هو واجب الوجود بذاته، ووجود الله قبل، والآن، وبعد؛ ثابت بالنقل وبالعقل ولا يماري في ذلك إلا ملحد دهري، لذلك تعجبت عندما وجدت أن الرد على سؤالي انصبت أدلته جمعاء على إثبات وجود الله ففهمت أن السؤال أخذ على غير مراد؛ لذلك رأيت أن أتوسع قليلا في طريقة عرض السؤال هذه المرة حتى يتضح بإذن الله تعالى من المعلوم أنه لا يصف الله أعلم بالله من الله ﴿أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ﴾[البقرة: 140] ولا يصف الله بعد الله أعلم بالله من رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾[النجم: 3-4] فيجب على كل مؤمن أن لا يصف الله إلا بما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله-صلى الله عليه وسلم- ، ولو نظرنا إلى أسماء الله وصفاته لوجدنا لفظ الواجد، فإذا ما بحثنا في كلمة (الموجود) لم نجدها في الأسماء والصفات وإنما جرى استخدامها للتعبير عن وجود الله -عز وجل- ، لكن التعبير عن وجود الله ليس بقاصر على استخدام لفظ الموجود بل يمكن التعبير عن وجود الله بأي اسم من أسمائه الثابتة في الحديث الشريف فساعة أن أؤمن وأنطق بأن الله حي أو بأنه هو الأول والآخر فهذا إقرار مني باستمرارية وجود الله من أزل الآزال إلى أبد الآباد، ولكنك قلت بالنص في الخطاب السابق ردا على سؤالي (الوجود نوعان: الأول: وجود ذاتي وهو ما كان وجوده ثابتا له في نفسه لا مكسوبا له من غيره وهذا هو وجود الله سبحانه) اهـ.
وعندما نظرت في الرد وجدت أنك قسمت لي الوجود نوعان ولكن لم تقل الموجود نوعان، على الرغم من أن سؤالي كان يدور حول لفظ الموجود لا عن كلمة الوجود ثم انتقلت بعد ذلك إلى قولك: (وعلى هذا يوصف الله تعالى بأنه موجود ويخبر بذلك في الكلام فيقال: الله موجود وليس اسما بل صفة). وهذا هو محل سؤالي: رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وصف الله تعالى بأنه الواجد في حديثه الشريف ولم يصفه بأنه الموجود فلا بد أن كلمة الموجود ليست بضرورية للتعبير عن وجود الله (دليل نقلي) كما سنجد في أسماء الله تعالى وصفاته كلمة الخالق التي تكاد تتطابق مع كلمة الواجد وهما من أسماء الله وصفاته، وكلمة الموجود أو المخلوق على وزن مفعول ولا بد أن يكون لكل مفعول فاعل ولكل مخلوق خالق ولكل موجود واجد فهل بعد ذلك يصح لي أن أعبر عن وجود الله باستخدام لفظ (الموجود) الذي إن دل على شيء فإنما يدل على الحدوث بعد العدم وهذا لا يحق إلا في حق المخلوقين؟ أفتونا مأجورين.
الجواب
أولا: الواجد ليس اسما من أسماء الله ولا صفة من صفاته، والحديث الذي ورد فيه تسميته بذلك ليس بصحيح.
ثانيا: إنما قسمنا الوجود إلى قسمين؛ لأنك قلت في سؤالك: (إن كلمة الموجود على وزن مفعول ولا بد لكل موجود من موجد كما أن لكل مفعول فاعل) وهذا غير صحيح، بل الموجود قسمان موجود لذاته لا يحتاج إلى من يوجده وليس مثل المخلوق، وموجود حادث يحتاج في وجوده إلى غيره يخرجه من العدم، فقسمنا الوجود إلى نوعين؛ لتعرف من ذلك أن الموجود المشتق منه نوعان، وأن الذي يحتاج منهما إلى موجد إنما هو الموجود الحادث. وبذلك تعرف أننا فهمنا السؤال وأجبناك عليه لكنك لم تفهم الجواب، ونسأل الله لنا ولك التوفيق لفهم الصواب.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
المصدر:
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(3/191-194)
عبد الله بن قعود ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد الرزاق عفيفي ... نائب رئيس اللجنة
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس

هل انتفعت بهذه الإجابة؟