الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

أسقطت حملها في الشهر الثالث واستمر معها الدم ثلاثة أشهر فما الحكم ؟

الجواب
إذا أسقطت المرأة جنينها ففيه تفصيل: إذا كان إسقاطها للجنين قبل أن يتخلق؛ قبل أن يوجد فيه علامة الإنسان؛ من رأس، أو رجل، أو ما أشبه ذلك بل دم، أو دم متجمع لم يظهر فيه ولو خفيا، ما ظهر فيه خلق الإنسان هذا يعتبر دما فاسدا كالمستحاضة، تصلي وتصوم وتحل لزوجها، كما أفتى السائل بعض العلماء بذلك، هذا مثل ما قال له المفتي الذي أفتاه من أهل العلم صحيح، إذا كان سقط دما ما فيه لحم الإنسان المتخلق، أو لحمة ما فيها خلق إنسان لا خفي ولا ظاهر هذا يعتبر دما فاسدا، وتعتبر المرأة في حكم المستحاضة التي عليها أن تصلي وتصوم، وتباح لزوجها، وعليها مع ذلك أن تعتني بالطهارة، تغتسل إذا تيسر لها ذلك لكل صلاة، أو الظهر والعصر جمعا في غسل واحد، والمغرب والعشاء غسلا واحدا، هذا يكون أكمل وليس بواجب، وإنما الواجب الوضوء، إذا دخل الوقت تتوضأ وضوء الصلاة؛ تستنجي بالماء في فرجها، تغسل ما أصابها من الدم، تستثفر بشيء من القطن ونحوه، وتتوضأ وضوء الصلاة بغسل وجهها ويديها، ومسح رأسها، وغسل رجليها، وضوء الصلاة المعروف بعد الاستنجاء، بعد غسل ما في الفرج من النجاسة، ثم تصلي كل وقت في وقته، وإن جمعت صلاة الظهر والعصر جميعا، وأخرت الأولى الظهر مثلا وعجلت العصر وصلتهما بغسل واحد هذا أفضل، وكذلك المغرب والعشاء؛ تؤخر المغرب عن وقتها بعض الشيء، وتعجل العشاء في وقتها، تكون صلاتها متقاربة، العشاء والمغرب جمعا يسمى صوريا، وليس بجمع حقيقة، هذا لا بأس به، وأفضل لها حتى يتيسر لها غسل واحد، هذا من باب الفضائل، هذا هو الصواب من أقوال أهل العلم أنه من باب الفضائل، لم يكن بالوجوب، والواجب عليها غسل واحد للحيض فقط، ما دامت هذه المرأة قد أصابها النزيف، وليس عندها نفاس شرعي فإن هذا الدم يعتبر دما فاسدا؛ دم استحاضة، تصلي وتصوم وتحل لزوجها، ولا حرج عليها في ذلك، إلا أنها تؤمر بأن تستنجي وتتوضأ لوقت كل صلاة، ولا بأس عليها أن تجمع –وهو أفضل-بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، وتغتسل لهما غسلا واحدا لهاتين ولهاتين، والفجر وحده غسلا واحدا إذا تيسر ذلك، وإلا فليس بلازم، هذا هو حكم هذه المسألة وأشباهها، هذه المسألة التي يبتلى بها كثير من النساء، تسقط في شهرين، أو ثلاثة وما فيه خلق إنسان؛ لا رأس، ولا رجل، ولا شيء من ذلك هذا دم فاسد، تتحفظ فيه وتصلي وتصوم وتحل لزوجها، أما إن كان فيه خلق إنسان؛ فيه رأس بين، أو رجل، أو يد، أو ما أشبه ذلك مما يبين أنه إنسان هذا نفاس، تمكث لا تصلي ولا تصوم حتى تطهر، ولا تحل لزوجها أيضا، فإذا طهرت بعد إسقاط هذا الجنين، ولو بعد خمسة أيام، عشرة أيام، عشرين يوما متى طهرت تغتسل وتصلي وتصوم وتحل لزوجها، ولو ما مضى عليها إلا عشرة أيام، أو عشرون يوما ما هو لازم أن تكمل أربعين يوما، فإن مضى معها الدم واستمر معها الدم حتى كملت أربعين فهو نفاس، ولكن لا يزيد على أربعين، لو استمر معها تغتسل وتصلي، تصوم ولو كان معها الدم، يعتبر دما فاسدا، ما زاد على الأربعين يعتبر دما فاسدا على الصحيح، تصلي فيه وتصوم وتحل لزوجها، تتوضأ لوقت كل صلاة، وتتنظف عند دخول الوقت بالاستنجاء، وتتحفظ بقطن ونحوه، هذا هو الواجب عليها بعد الأربعين ولو سال معها الدم، كالمستحاضة التي معها الدم من غير إسقاط.
بعض النساء قد يصيبها الدم وهي ما فيها حمل وتسمى مستحاضة، فإذا جاء وقت حيضها توقفت عن الصلاة والصوم، وحرمت على زوجها، تبقى هكذا في حكم الحيض، فإذا مضى وقت الحيض الذي تعرفه بعده تغتسل وتصلي وتصوم وتحل لزوجها مدة الطهارة الحكمية، حتى يأتي وقت الحيض المعتاد، وهكذا التي أنزلت دما وهي تعتبر نفسها حاملا، ثم أراد الله عليها إسقاط هذا الحمل بأسباب، فإن هذا الدم يكون دما فاسدا إلا إذا علمت القابلة الثقة التي قبلتها أنه خرج منها لحم فيه خلق إنسان؛ من رأس أو رجل أو ما أشبه ذلك فهذه تكون نفساء، تعتبر نفسها نفساء إذا كان فيه خلق الإنسان ولو خفيا فلا تصلي ولا تصوم حتى تطهر، والطهارة ليس لها حد محدود، ليس بلازم أن تكمل الأربعين، لا، لو طهرت وهي بنت عشرة أيام أو عشرين يوما أو شهر، الطهارة صحيحة وتصلي وتصوم في هذه الطهارة، فلو عاد الدم عليها في الأربعين تجلس أيضا، تعتبره نفاسا ولا تصلي في الأربعين إذا عاد عليها الدم فيها على الصحيح، فإذا استمر معها الدم إلى كمال الأربعين تعتبر هذا الدم الزائد دما فاسدا بعد الأربعين، تصلي فيه وتصوم، وتحل لزوجها وتتوضأ لوقت كل صلاة تتحفظ في فرجها بشيء من القطن ونحوه إذا استنجت، هذا هو الحكم في ذلك كالمستحاضة سواء، ولا تزال على هذا العمل حتى يخلصها الله من هذا النزيف، وإذا جمعت بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء فلا بأس كما تقدم وتغتسل لهما غسلا واحدا أفضل وتغسل الفرج غسلا واحدا إن تيسر ذلك وإلا فالغسل الواجب إنما هو غسل الحيض أو غسل النفاس، هذا الواجب أو الغسل من الجنابة كما هو معروف.
المصدر:
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(5/459- 462)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟