الجواب
أولاً: قبل أن نجيب على هذا السؤال فإننا ننصح هذا الرجل وغيره ممن ابتلي بشرب الخمر ونعلمهم بأن الخمر أم الخبائث ومفتاح كل شر وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» وأخبر أن من شربها في الدنيا لم يشربها في الآخرة قال بعض العلماء معنى لم يشربها في الآخرة أي لا يدخل الجنة؛ لأن من دخل الجنة لابد أن يشرب من الخمر الذي فيها وهذا الخمر ليس فيها غول ولا هم عنها ينزفون وقال بعض العلماء لا يشربها في الآخرة يعني لو دخل الجنة فإنه يُحرم لذة التنعم بشرب خمر الجنة وأياً كان هذا أو هذا فإنه دليل على عقوبة شارب الخمر وقد «لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - شارب الخمر» فعلى المسلم أن يتوب إلى الله تعالى من شربها وأن يسأل الله العافية منها
وأما بالنسبة لسؤال المرأة وهو أن زوجها طلقها وهو سكران فإن للعلماء في ذلك خلافاً هل يقع الطلاق في حال السكر أو لا يقع، فالمشهور من مذهب الحنابلة أنه يقع عقوبة له على شربه، فإن هذا الشارب عاصٍ لله - عز وجل - فلا ينبغي أن يقابل عصيانه بالتخفيف عنه وعدم وقوع الطلاق منه وقال بعض العلماء، بل إن طلاق السكران لا يقع وهذا هو المروي عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وهو أقيس؛ لأن السكران لا يعي ما يقول ولا يدري ما يقول فكيف نلزمه بأمر لا يدري عنه وقد قال الله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾[النساء: 43] فدل هذا على أن السكران لا يعلم ما يقول فكيف نلزمه بشيء لا يعلمه.
وأما قولهم إنه عقوبة فإن عقوبة شارب الخمر إنما تكون عليه نفسه وهو معاقب بالضرب الذي وردت به السنة وإذا عاقبناه بإيقاع الطلاق ففي الحقيقة أن هذه العقوبة تتعدى إلى زوجته فيحصل الفراق وربما يكون لها أولاد فيتشتت العائلة ويحصل الضرر على غيره فالصواب أنه لا يقع طلاق السكران ولا يعتبر بأقواله ولكن مع ذلك ينبغي أن يرجع في هذا إلى المحكمة الشرعية حتى لا نحكم ببقاء الزوجة معه أو بفراقه إياها إلا بحكم شرعي يرفع الخلاف والله الموفق.