السبت 01 جمادى الأولى 1446 هـ

تاريخ النشر : 26-03-2020

حكم الاحتفال بالمولد النبوي

الجواب
أولًا: ليلة مولد الرسول- صلى الله عليه وسلم - ليست معلومة على الوجه القطعي، بل إن بعض العصريين حقق أنها ليلة التاسع من ربيع الأول وليست ليلة الثاني عشر منه، وحينئذ فجعل الاحتفال ليلة الثاني عشر منه لا أصل له من الناحية التاريخية.
ثانيًا: من الناحية الشرعية فالاحتفال لا أصل له أيضًا لأنه لو كان من شرع الله لفعله النبي- صلى الله عليه وسلم - أو بلغه لأمته، ولو فعله أو بلغه لوجب أن يكون محفوظًا؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾[الحجر: 9]. فلما لم يكن شيء من ذلك علم أنه ليس من دين الله، وإذا لم يكن من دين الله فإنه لا يجوز لنا أن نتعبد به لله - عز وجل - ونتقرب به إليه، فإذا كان الله تعالى، قد وضع للوصول إليه طريقًا معينًا وهو ما جاء به الرسول- صلى الله عليه وسلم - ، فكيف يسوغ لنا ونحن عباد أن نأتي بطريق من عند أنفسنا يوصلنا إلى الله ؟ هذا من الجناية في حق الله - عز وجل - أن نشرع في دينه ما ليس منه، كما أنه يتضمن تكذيب قول الله - عز وجل - : ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾[المائدة: 3].
فنقول: هذا الاحتفال إن كان من كمال الدين فلا بد أن يكون موجودًا قبل موت الرسول عليه الصلاة والسلام، وإن لم يكن من كمال الدين فإنه لا يمكن أن يكون من الدين لأن الله تعالى يقول: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾[المائدة: 3] ومن زعم أنه من كمال الدين وقد حدث بعد الرسول- صلى الله عليه وسلم - فإن قوله يتضمن تكذيب هذه الآية الكريمة، ولا ريب أن الذين يحتفلون بمولد الرسول عليه الصلاة والسلام، إنما يريدون بذلك تعظيم الرسول عليه الصلاة والسلام، وإظهار محبته وتنشيط الهمم على أن يوجد منهم عاطفة في ذلك الاحتفال للنبي- صلى الله عليه وسلم - وكل هذا من العبادات؛ محبة الرسول عليه الصلاة والسلام، عبادة بل لا يتم الإيمان حتى يكون الرسول- صلى الله عليه وسلم - أحب إلى الإنسان من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين. وتعظيم الرسول عليه الصلاة والسلام من العبادة، كذلك إلهاب العواطف نحو النبي- صلى الله عليه وسلم - من الدين أيضًا لما فيه من الميل إلى شريعته، إذًا فالاحتفال بمولد النبي- صلى الله عليه وسلم - من أجل التقرب إلى الله وتعظيم رسوله - صلى الله عليه وسلم - عبادة وإذا كان عبادة فإنه لا يجوز أبدًا أن يحدث في دين الله ما ليس منه، فالاحتفال بالمولد بدعة ومحرم، ثم إننا نسمع أنه يوجد في هذا الاحتفال من المنكرات العظيمة ما لا يقره شرع ولا حس ولا عقل فهم يتغنون بالقصائد التي فيها الغلو في الرسول عليه الصلاة والسلام، حتى جعلوه أكبر من الله - والعياذ بالله - ومن ذلك أيضًا أننا نسمع من سفاهة بعض المحتفلين أنه إذا تلا التالي قصة المولد ثم وصل إلى قوله: (ولد المصطفى) قاموا جميعًا قيام رجل واحد يقولون: إن روح الرسول- صلى الله عليه وسلم - حضرت فنقوم إجلالًا لها وهذا سفه، ثم إنه ليس من الأدب أن يقوموا لأن الرسول- صلى الله عليه وسلم - كان يكره القيام له؛ فأصحابه وهم أشد الناس حبًّا له وأشد منا تعظيمًا للرسول- صلى الله عليه وسلم - لا يقومون له لما يرون من كراهيته لذلك وهو حي فكيف بهذه الخيالات ؟!
وهذه البدعة -أعني بدعة المولد- حصلت بعد مضي القرون الثلاثة المفضلة وحصل فيها ما يصحبها من هذه الأمور المنكرة التي تخل بأصل الدين فضلًا عما يحصل فيها من الاختلاط بين الرجال والنساء وغير ذلك من المنكرات.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين (2/298)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟