الجواب
أولًا: إعطاء الرشوة وأخذها حرام، على الراشي، والمرتشي، والرائش - الساعي بينهما فيها -.
ثانيا: قد صدر منا فتوى في حكم الانتفاع بمال اختلط حلاله بحرامه برقم(2512) وتاريخ 28 \ 7 \ 1399هـ ، هذا نصها:
إن عرفت أن ما أعطي لك هدية أو قدم لك طعاما لتأكل منه هو بعينه حرام، فلا تأكل منه، ولا تقبله هدية، وكذا الحكم إن كان كل كسبهم حراما، وإن لم يتميز ما كسبوه من حلال وما كسبوه من حرام، ففي قبول الهدية منه أو تناوله طعاما في ضيافة ونحوها خلاف بين العلماء، فقيل: حرام مطلقا، وقيل: إن زاد ما فيه من الحرام عن الثلث فحرام الأكل منه وقبول هديته، وقيل: إن كان الحرام أكثر من الحلال حرم تناوله أكلا وقبوله هدية، وقيل: ليس بحرام مطلقا، فيقبل الهدية ممن كسبه ويأكل منه إن قدمه له طعاما، وهذا هو الظاهر، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل من يهودية شاة مشوية، وأكل منها، ولعموم قوله تعالى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ﴾[المائدة: 5] ومن المعروف أن اليهود والنصارى يأكلون الربا، ولا يتحرون الكسب الحلال، بل يكسبون الحرام والحلال، وقد أذن الله في أكل طعامهم، وأكل منه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد روى جماعة من حديث سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن ذر بن عبد الله عن ابن مسعود، أن رجلا سأله فقال: لي جار يأكل الربا ولا يزال يدعوني، فقال: (مهنؤه لك وإثمه عليه)، ولو تنزه المسلم عن مخالطتهم والإكثار من التهادي والتزاور فيما بينه وبينهم، واقتصر على ما تدعو إليه المصلحة أو الحاجة لكان خيرا له.
ثالثًا: لا يجوز لك أن تعمل في هذه المصانع ولو في المحاسبة، وأنت تعلم حالتها المذكورة في استفتائك؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾[المائدة: 2] اللهم إلا إذا كان لك سلطة وقوة على تغيير ما فيها من المحرمات، فبقاؤك في العمل بها خير من تركها؛ لما يترتب على بقائك فيها من الإصلاح وتغيير المنكر.
رابعًا: تعهد والدك بتحمل مسئولية ارتكاب ما يقع في إجراءات هذه المصانع من المنكرات لا ينفعك؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾[الأنعام: 164] وقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا﴾[لقمان: 33] وعلى هذا فلا يجوز لك أن تلبي طلبه في هذا العمل ولو غضب؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإنما الطاعة في المعروف، إلا إذا قدرت على تغيير المنكر ورجوت أن تغيره.
خامسًا: إذا كان بقاؤك معهم في المنزل يرجى منه أن تصلح أحوالهم الإسلامية بنصحك لهم، ويقلعوا عما يرتكبونه مما يخالف الشرع، كان الخير في سكناك معهم، وإلا فلا تبق معهم، وصاحبهم في الدنيا بالمعروف، صلة للرحم، واتبع سبيل من أناب إلى الله، وأنت في ذلك أدرى بحالك: هل تقوى على الإصلاح وتغيير المنكر أو لا ؟
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.