الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

يشير القرآن إلى رجوع النبي عند شكه إلى أهل الكتاب فكيف الجواب عنه؟

الجواب
يشير بذلك إلى قوله تعالى: ﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ﴾[يونس: 94] وهذه الآية لا حجة لهم فيها؛ لأن تعليق الحكم بالشرط لا يستلزم تحقق الشرط ووجوده؛ إذ قد يتعلق الحكم بشرط ممتنع كما في قوله تعالى: ﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾[الأنعام: 83] الآيات إلى قوله سبحانه: ﴿ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾[الأنعام: 88] فأخبر سبحانه بأن هؤلاء الأنبياء لو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون مع انتفاء الشرك عنهم، بل مع امتناعه منهم؛ لأنهم قد ماتوا على التوحيد، ولأنهم معصومون من الشرك، وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾[الزمر: 65- 66] فالنبي-صلى الله عليه وسلم- لم يشك ولم يسأل أحدا من أهل الكتاب؛ لأنه لم يفهم من ذلك الخطاب طلب السؤال لإزالة شك بل فهم أن المقصود بيان أن أهل الكتاب عندهم ما يصدقك فيما كذبك فيه الكافرون كما في قوله تعالى: ﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾[الرعد: 43] وقوله سبحانه: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾[الأحقاف: 10] وقوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الشعراء: 197] إلى أمثال ذلك من الآيات التي تدل على أن المقصود بيان أن أهل الكتاب عندهم ما يصدق محمدا-صلى الله عليه وسلم- فيما كذبه فيه المشركون من الدعوة إلى التوحيد، وفي أن الرسل إلى البشر من البشر، كما هي سنة الله تعالى الحكيمة وقد أشار الله إلى ذلك في أول هذه السورة سورة يونس قال تعالى: ﴿أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾[يونس: 2] مما تقدم من تفسير الآيات القرآنية وبيان المقصود منها على ضوء ما جاء من نظائرها في القرآن مفصلا لها ومحكما يعين المراد من متشابهها ويعرف الجواب عما ذكره صاحبك الأمريكي المبشر بالنصرانية إلى آخر كلامه فإنه إجمال لما فصله من الشبهات في صدر كلامه.
المصدر:
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(3/345)
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد الرزاق عفيفي ... نائب رئيس اللجنة
عبد العزيز بن عبد الله بن باز. ... الرئيس

هل انتفعت بهذه الإجابة؟