الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

وقع في الزنا واللواط ثم تاب إلى الله فهل تقبل توبته؟ الفتوى رقم(5984)

الجواب
باب التوبة واسع ومفتوح لكل تائب في الدنيا إلى الله ما لم يغرغر، وهي: حالة الاحتضار عند الموت، ففي هذه الحالة لا تقبل التوبة، قال تعالى: ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾[النساء: 18]
وقد دعا الله سبحانه عباده من العصاة وغرهم إلى التوبة إليه والإنابة، وبين أنه يغفر جميع الذنوب مهما كانت، وإن كثرت في قوله تبارك وتعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾[الزمر: 53] وقال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾[الشورى: 25] وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾[النساء: 110] وثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قبول توبة القاتل، ففي (الصحيحين) عن أبي سعيد -رضي الله عنه- ، «أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- قال: " كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على راهب، فأتاه فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفسا، فهل له من توبة؟ فقال: لا، فقتله، فكمل به مائة، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على رجل عالم، فقال إنه قتل مائة نفس، فهل له من توبة؟ فقال: نعم، ومن يحول بينه وبين التوبة؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناسا يعبدون الله، فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك؛ فإنها أرض سوء، فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرا قط، فأتاهم ملك في صورة آدمي، فجعلوه بينهم، فقال: قيسوا ما بين الأرضين، فإلى أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد، فقبضته ملائكة الرحمة» واللفظ لمسلم.
فإذا تاب العبد المسلم إلى الله توبة نصوحا، مستكملا لشروطها من الإقلاع عن المعصية، والندم على ما صدر منه، والعزم على عدم العودة إليها، وإن كانت المعصية بينه وبين إخوانه المسلمين من حقوق مالية ونحوها ردها إليهم، وطلب منهم الحل والمسامحة - فإن الله سبحانه يقبل توبته ويتوب عليه، وعليه أن يكثر من الأعمال الصالحة من الطاعات، كالصلاة والصدقات والصيام وغيرها من وجوه البر والإحسان؛ ليبدل الله تلك السيئات حسنات، كما قال تعالى بعد أن ذكر استحقاق الإثم لمن يعمل السيئات من الشرك والقتل والزنا، ثم استثنى منهم من تاب فقال: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾[الفرقان: 70] وفقك الله للتوبة النصوح.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر:
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(24/341- 344)
عبد الله بن قعود ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد الرزاق عفيفي ... نائب الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس

هل انتفعت بهذه الإجابة؟