الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

هل بتعدد القراءات يتغير المعنى ؟

الجواب
ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أن القرآن نزل من عند الله على سبعة أحرف، أي لغات من لغات العرب ولهجاتها تيسيرا لتلاوتها عليهم ، ورحمة من الله بهم ، ونقل ذلك نقلا متواترا وصدق ذلك واقع القرآن وما وجد فيه من القراءات ، فهي كلها تنزيل من حكيم حميد .
ليس تعددها من تحريف أو تبديل ، ولا لبس في معانيها، ولا تناقض في مقاصدها ولا اضطراب ، بل بعضها يصدق بعضا ويبن مغزاه ، وقد تتنوع معاني بعض القراءات فيفيد كل منها حكما يحقق مقصدًا من مقاصد الشرع ، ومصلحة من مصالح العباد ، مع اتساق معانيها وائتلاف مراسيها، وانتظامها في وحدة تشريع محكمة كاملة، لا تعارض بينها ولا تضارب فيها . فمن ذلك ما ورد من القراءات في الآية التي ذكرها السائل ، وهي قوله تعالى: ﴿وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا ﴾[الإسراء: 13] فقد قرئ " ونخرج " بضم النون وكسر الراء ، وقرئ " يَلقاه " بفتح الياء والقاف مخففة ، والمعنى: ونحن نخرج للإنسان يوم القيامة كتابا، هو صحيفة عمله ، يصل إليه حال كونه مفتوحا فيأخذه بيمينه إن كان سعيدا ، أو بشماله إن كان شقيا ، وقرئ " يُلقَّاه منشورا " بضم الياء وتشديد القاف.
والمعنى: ونحن نخرج للإنسان يوم القيامة كتابا - هو صحيفة عمله - يعطى الإنسان ذلك الكتاب حال كونه مفتوحا، فمعنى كل من القراءتين يتفق في النهاية مع الآخر، فإن من يلقى إليه الكتاب فقد وصل إليه ، ومن وصل إليه الكتاب فقد ألقي إليه.
ومن ذلك قوله تعالى: ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾[البقرة: 10] قرئ " يكذبون " بفتح الياء وسكون الكاف وكسر الذال بمعنى: يخبرون بالأخبار الكاذبة عن الله والمؤمنين ، وقرئ " يكذِّبون " بضم الياء وفتح الكاف وتشديد الذال المكسورة ، بمعنى: يكذبون الرسل فيما جاءوا به من عند الله من الوحي، فمعنى كل من القراءتين لا يعارض الآخر ولا يناقضه، بل كل منهما ذكر وصفا من أوصاف المنافقين ، وصفتهم الأولى بالكذب في الخبر عن الله ورسله وعن الناس ، وصفتهم الثانية بتكذيبهم رسل الله فيما أوحى إليهم من التشريع ، وكل حق فإن المنافقين جمعوا بين الكذب والتكذيب.
ومن ذلك يتبين أن تعدد القراءات كان بوحي من الله لحكمة ، لا عن تحريف وتبديل ، وأنه لا يترتب عليه أمور شائنة ، ولا تناقض أو اضطراب ، بل معانيها ومقاصدها متفقة. والله الموفق.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (24/333)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟