الأحد 20 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

هذا الجواب منكر وغلط عظيم

الجواب
فقد اطلعت على ما ورد في العدد 943 من الجريدة الصادر في يوم الاثنين 23 \ 11 \ 1412 ه- في الصفحة 22 الأخيرة عن الأطفال الذين أصابهم الاختناق في مكة بسبب الحريق وقول والدهم لما سأله الأطفال أين الله؟ أجاب بأنه موجود في كل مكان.
وأفيدكم أن هذا الجواب منكر وغلط عظيم بل كفر أكبر; لأن الله سبحانه فوق العرش، فوق جميع خلقه، وعلمه في كل مكان كما دل على ذلك القرآن الكريم، والسنة المطهرة، وإجماع سلف الأمة.
فالواجب على والد الأطفال أن يتوب إلى الله من ذلك، وأن يعلم يقينا أن الله سبحانه فوق العرش، فوق جميع خلقه كما قال سبحانه في سورة الأعراف: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا﴾[الأعراف: 54]الآية، وقال سبحانه في سورة طه: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾[طه: 5] وقال -عز وجل-: ﴿فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ﴾[غافر: 12] وقال تعالى: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾[الأعلى: 1]
والآيات في هذا المعنى كثيرة، كلها تدل على علوه سبحانه واستوائه على العرش.
أما قوله سبحانه: ﴿لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾[التوبة: 40] وقوله سبحانه لموسى وهارون: ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾[طه: 46] وما جاء في معنى هاتين الآيتين، فمعنى المعية هنا الكلاءة والحفظ والنصر والتأييد مع العلم بكل شيء.
وهكذا قوله سبحانه: ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾[المجادلة: 7] وقوله -عز وجل-: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾[الحديد: 4] ومعنى المعية هنا العلم والإحاطة والاطلاع على شئونهم وهو سبحانه فوق العرش لا تخفى عليه خافية.
وقد ذكر أبو عمر بن عبد البر، وأبو عمر الطلمنكي وآخرون من أهل العلم إجماع العلماء على هذا المعنى، والمراد العلماء من أهل السنة والجماعة، ولا شك أن ذلك هو معنى الآيات المذكورة وما جاء في معناها من الآيات والأحاديث. فالواجب التمسك بذلك والإيمان به، والحذر مما يخالفه من أقوال أهل البدع والضلال.
فأرجو نشر هذا الإيضاح للمسألة في الصحيفة، تصحيحا لما نشر وبيانا للحق وفق الله الجميع لما يرضيه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن باز(7/410-412)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟