الأحد 20 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

نصيحة لمن يدعو لحلق الذقن

السؤال
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة المكرم رئيس تحرير جريدة عكاظ - حفظه الله -. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعده:
فقد نشر في العدد الصادر بتاريخ 18 شعبان سنة 1393هـ من جريدتكم في صفحة (مجتمعنا) كلمة قصيرة بعنوان: (الإهمال تدمير للحياة الزوجية)، وقد جاء فيها: (وبالمثل قد يصيب الإهمال الرجل الزوج فلا يحلق ذقنه يوم العطله فيبدو رثا مهلهلا مكتئبا).
وبما أن هذا قول منكر، ودعوة إلى مخالفة السنة النبوية، تنشر علنا في صحيفتكم - رأيت أن من الواجب الكتابة لكم؛ نصحا لكم وللمسلمين، وحذرا من العقوبة.
ومعلوم لكل عاقل ذي بصيرة أن خير القرون قرن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، ولم يكن في ذلك القرن من يحلق ذقنه من الصحابة الكرام -رضي الله عنهم- ؛ اقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وامتثالا لأمره حيث قال: «جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس»أخرجه مسلم في صحيحه، وقوله -عليه الصلاة والسلام-: «قصوا الشوارب، وأعفوا اللحى، خالفوا المشركين»متفق على صحته، وحذرا من الوقوع في مخالفته -صلى الله عليه وسلم- ، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، ولكنه التقليد الأعمى لأعداء الله، والزهد في تعاليم الشريعة السمحة جعل الكثير من الناس يقع في استبدال الذي هو شر بالذي هو خير، ولم يقتصر ذلك على وقوعه في المحذور بمفرده، بل تعدى ذلك إلى نشر الدعوة إليه، كما جاء في جريدتكم، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا».
فالواجب عليكم الحذر من نشر كل ما لا تقره الشريعة، والحرص على نشر هديها وتعاليمها، وأن تكون جريدتكم مفتاح هدى ودليل رشد، ولم أعلم بما ذكر إلا في 5\1\1394 هـ؛ ولهذا تأخر التنبيه.
وفقنا الله وإياكم لما يرضيه، وهدانا جميعا صراطه المستقيم، وأعاذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
زاده الله من العلم والإيمان وجعله مباركا أينما كان آمين. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
أما بعد:
فقد وصلني كتابكم الكريم المؤرخ في 13\10\1394 هـ، وصلكم الله بحبل الهدى والتوفيق، وما تضمنه من الإفادة من أنه جرى بينك وبين بعض المدرسين من خريجي الأزهر مذاكرة في حكم إعفاء اللحى وحلقها وتقصيرها، ولم يقتنع كل منكما بقول الآخر، ورغبتكم في الإجابة الصريحة الشافية في هذا الموضوع - كان معلوما.
الجواب
و قد ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأمر بإعفاء اللحى وإرخائها من حديث ابن عمر في الصحيحين، ومن حديث أبي هريرة في صحيح مسلم، وورد في ذلك أحاديث أخرى في غير الصحيحين، وكلها تدل على وجوب إعفاء اللحى وإرخائها وتوفيرها، كما تدل على تحريم حلقها وتقصيرها؛ لأن الأصل في الأوامر الوجوب، والأصل في النهي التحريم، ولا يجوز لأحد أن يصرف النصوص عن أصلها وظاهرها إلا بحجة صحيحة يحسن الاعتماد عليها، ولا حجة لمن أخرج هذه الأحاديث عن أصلها وظاهرها وقال: إنها لا تدل على الوجوب، أو لا تدل على تحريم الحلق والتقصير.
أما الحديث الذي رواه الترمذي، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- ، «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يأخذ من لحيته من طولها وعرضها» فهو حديث باطل عند أهلم العلم؛ لأن في إسناده عمر بن هارون البلخي، وهو من المتهمين بالكذب عند أكثر أئمة الحديث ونقاده، كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في (تهذيب التهذيب وتقريبه)، وكما ذكر ذلك الذهبي في (الميزان).
وقد جمع أخونا العلامة الشيخ عبد الرحمن بن قاسم العاصي -رحمه الله- رسالة في هذه المسألة نشفع لكم نسختين منها، وأرجو أن يكون فيها وفيما ذكرنا الكفاية والجواب الشافي لسؤالكم.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن باز(10/60- 61)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟