الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

نصيحة الشيخ ابن عثيمين للمعلمين

الجواب
نقول: أهم ما يتعلق بالمعلمين أن يدركوا العلوم التي يعطونها الطلبة إدراكًا جيدًا مستقرًا في نفوسهم، قبل أن يقفوا أمام الطلبة حتى لا يقع الواحد منهم في حيرة عند سؤال التلاميذ له ومناقشتهم إياه، فإن من أعظم المقومات الشخصية لدى الطلبة أن يكون المعلم قويًا في علمه وملاحظته، إن قوة المعلم العلمية في تقويم شخصيته لا تقل عن قوة ملاحظته، إن المعلم إذا لم يكن عنده علم ارتبك عند السؤال فينحط قدره أمام تلاميذه، وإن أجاب بالخطأ فلن يثقوا فيه بعد ذلك، وإن انتهرهم عند السؤال والمناقشة فلن ينسجموا معه.
إذن فلابد للمعلم من إعداد واستعداد وتحمل وصبر، فالمعلم عند توجيه السؤال له إن كان عنده علم راسخ في ذهنه، مستقر في نفسه أجاب بكل سهولة وانطلاق، وإلا فإنه لا يخلو بعد ذلك من هذه الأمور الثلاثة السابقة، وكل ذلك ينافي الآداب التي ينبغي أن يكون المعلم عليها، وإذا كان على المعلم أن يدرك العلم الذي سيلقيه أمام الطلبة فإن عليه أن يحرص على حسن إلقائه إليهم بأن يسلك أسهل الطرق في إيضاح المعاني، وضرب الأمثال، ومناقشة الطلبة فيما ألقاه عليهم سابقًا، أما أن يأتي يقرأ الشيء عليهم قراءة ولا يدري من فهم ممن لم يفهم، ولا يناقشهم فيما مضي فإن هذه الطريقة عقيمة جدًا لا تثمر ثمرًا، ولا تكون نتيجتها طيبة.
واذا كان المعلم يجتهد في الأمور العلمية تحصيلاً وعرضًا، فعليه أن يجتهد في الأمور التعبدية، عليه أن يكون حسن النية والتوجيه فينوي بتعليمه الإحسان إلى طلبته، وإرشادهم إلى ما ينفعهم في أمور دينهم ودنياهم، وليجعل نفسه لهم بمنزلة الأب الرفيق الشفيق ليكون لتعليمه أثر بالغ في نفوسهم، وعلى المعلم أن يظهر أمام طلبته بالمظهر اللائق من الأخلاق الفاضلة والآداب العالية التي أساسها التمسك بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ليكون قدوة لتلاميذه في العلم والعمل، فإن التلميذ ربما يتلقى من معلمه من الأخلاق والآداب أكثر مما يتلقى منه من العلم من حيث التأثر بأخلاق المعلم، وآدابه صورة مشهودة معبر عما في نفسه ظاهرة في سلوكه فتنعكس هذه الصورة تمامًا على إرادة التلاميذ.
إن على المعلم أن يتقي الله تعالى في نفسه، وفيمن ولاه الله عليهم من التلاميذ، وأن يحرص غاية الحرص أن يمتثل أمامهم بالأخلاق حتى يكون قدوة صالحة «ومن سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة».
وإنني أقول للمعلمين: إن عند التلاميذ ملاحظة دقيقة عجيبة على صغر سنهم، إن المعلم إذا أمرهم بشيء ثم رأوه يخالفهم فيما أمرهم به فإنهم سوف يضعون علامات الاستفهام أمام وجه هذا المعلم، كيف يعلمنا بشيء ويأمرنا به وهو يخالف ما كان يعلمنا ويأمرنا به، لا تستهن أيها المعلم بالتلاميذ حتى ولو كانوا صغارًا فعندهم أمر الملاحظة من الأمور العجيبة.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(26/454 - 456)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟