الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

مغادرة الحاج مكة إلى جدة قبل طواف الوداع فيه تفصيل

الجواب
أقول إن خروج هذه المرأة وزوجها إلى جدة قبل طواف الوداع، ينظر فيه هل جدة هي مكان إقامتهم، إن كانت جدة مكان إقامتهم، فإن خروجهم إليها من مكة قبل طواف الوداع محرم، ولا ينفعهم الرجوع بعد ذلك والطواف بل عليهم الفدية تذبح في مكة، وتوزع على الفقراء على كل واحد منهم شاة تذبح في مكة وتوزع على الفقراء، أما إذا لم تكن جدة مكان إقامتهم ولكنهم خرجوا إليها في حاجة، على أن من نيتهم أن يعودوا إلى مكة ويطوفوا للوداع ويخرجوا إلى مكان إقامتهم، فإنه لا شيء عليهم.
وأما ما ذكرت من أنها سلمت على بعض الرجال قبل الطواف ثم طافت بعد ذلك بدون وضوء، فإن ذلك لا يضر بالنسبة للطواف، لأن مس المرأة للرجل، أو مس الرجل للمرأة لا ينقض الوضوء، حتى وإن كان بشهوة على القول الراجح، ولكن مصافحتها للرجال الأجانب حرام عليها، ولا يحل لها أن تكشف وجهها، ولا أن تصافح الرجال الأجانب، ولو كانت كفاها مستورتين بقفاز أو غيره، والواجب عليها أن تتوب إلى الله مما صنعت من مصافحة الرجال الأجانب، وألا تعود لمثل ذلك.
وهنا أنبه على مسألة خطيرة في هذا الباب وهي: أن بعض
الناس اعتادوا أن يصافح أخ الزوج زوجة أخيه، أو يصافح ابنة عمته، وهذه العادة عادة سيئة محرمة، ولا يحل لامرأة أن تصافح رجلا ليس من محارمها أبدا ولو كان ابن عمها، أو أبن خالها، أو
ابن عمتها، أو ابن خالتها، أو أخ زوجها، أو زوج أختها، كل هذا حرام ولا يجوز، والشيطان يجري من أبن آدم لمجرى الدم، قد يقول قائل: أنا أصافحها وأنا بريء، وأنا واثق من نفسي أن لا تتحرك
شهوتي، وأن لا أتمتع بمسها. فنقول له: ولو كان الأمر كذلك؛ لأن هذه المسألة حساسة جدا، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، ولهذا جاء ني الحديث: "لا يخلون رجل بامرأة إلا كان
الشيطان ثالثهما" متفق عليه ، وما ظنك باثنين الشيطان يكون ثالثهما، كذلك أيضا إذا مس الوجل المرأة فإن الشيطان سوف يجعل في نفسه حركات، وإن كان بعيدا منها، لكن هو على خطر، ولهذا أحذر من أن تصافح المرأة من ليس من محارمها.
قد يقول قائل: أنا لو تجنبتها ومدت إلي يدها، وقلت: هذا لا يجوز، لأثر ذلك على العلاقة بيني وبينها، أو بيني وبين أبيها، إن كانت بنت عمي، أو بينها وبين أخي إن كانت زوجته، أو ما أشبه
ذلك.
فأقول له: أتخشونهم فالله أحق أن تخشاه، ولقد قال الله عز وجل لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - أشرف الخلق: (واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه) وإذا كان أقاربك من أخ، أو عم، أو أي أحد يجدون في أنفسهم عليك إذا أنت فعلت الحق، أو تجنبت باطلا، فليكن ذلك، فإنه لا إثم عليك، وإنما الإثم عليهم من وجهين:
الوجه الأول. أنهم وجدوا عليك في أنفسهم وهم من أقاربك.
والوجه الثاني: أنهم وجدوا عليك، لأنك فعلت ما تقتضيه الشريعة، وأي إنسان لا يكره شخصا لما تقتضيه الشريعة، بل الذي ينبغي أن من فعل ما تقتضيه الشريعة، ولاسيما مع مخالفة العادات
الذي ينبغي ألط يجل هذا الوجل، وأن يعظم ويكرم وأن يكون له في قلوبنا منزلة أرقى وأعلى من منزلته السابقة.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(23/334-337)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟