الجمعة 18 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

معنى الاستواء في لغة العرب

الجواب
الاستواء في اللغة العربية يأتي لازماً، ويأتي متعدياً إلى المعمول بحرف الجر، ويأتي مقروناً بواو المعية، فهذه ثلاثة وجوه للاستواء.
أما الأول- وهو أن يأتي مطلقاً غير مقيد بالمعمول، ولا واو المعية-: فإنه يكون بمعنى الكمال، ومنه قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى﴾[القصص: 14] أي: كمل، ومنه قول الناس في لغتهم العامية: استوى الطعام، أي كمل نضجه.
والقسم الثاني أو الوجه الثاني: أن يأتي مقروناً بواو المعية، فيكون بمعنى التساوي، كقولهم: استوى الماء والخشبة، أي: تساويا.
والثالث: يأتي معدًّى بحرف الجر، فإن عُدِّي ب (على) صار معناه: العلو والاستقرار، وإن عُدِّي ب (إلى) فقد اختلف المفسرون فيه، فمنهم من يقول: إنه بمعنى الارتفاع والعلو، ومنهم من يقول: إنه بمعنى القصد والإرادة. مثال ما عُدِّيَ ب (على) قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾[الأعراف: 54]، وقوله: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)[طه: 5]، وقوله ذلك في سبعة مواضع في القرآن الكريم.
ومثال المعدى ب (إلى) قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ﴾[فصلت: 11]، وقوله: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾[البقرة: 29]. ولذلك اختلف المفسرون في الاستواء، استوى هنا، فبعضهم قال: معناها علا إلى السماء، ومنهم من قال: معناها قصد وأراد، وعلى كل فاستواء الله على العرش من الصفات الثابتة التي يجب على المؤمن أن يؤمن بها، وهو أن الله تعالى استوى على عرشه، أي: علا عليه علوّاً خاصّاً ليس كعلوه على سائر المخلوقات، بل هو علو خاص بالعرش، كما قال تعالى: ﴿رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ﴾[غافر: 15]. ولكن هذا الاستواء ليس معلوماً لنا في كيفيته؛ لأن كيفيته لا يمكن الإحاطة بها، ولم يخبرنا الله عنها ولا رسوله، ولهذا لما سئل الإمام مالك -رحمه الله- عن قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾[طه: 5] كيف استوى؟ فأطرق برأسه حتى علاه العرق، ثم قال: (الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة) ونحن نعلم معنى الاستواء ونؤمن به ونقره، وهو أنه -سبحانه وتعالى- علا على عرشه واستوى عليه، علوّاً واستقراراً يليق به سبحانه وتعالى، ولكننا لا نعلم كيفية هذا الاستواء، فالواجب علينا أن نمسك عن الكيفية، وأن نؤمن بالمعنى. وأما قول من قال: إن معنى استوى على العرش أي: استولى عليه، فهذا قول لا يصح، وهو مخالف لما كان عليه السلف، ولما تدل عليه هذه الكلمة في اللغة العربية، فلا يعوَّل عليه، بل هو باطل، ولو كان معنى استوى استولى للزم أن يكون الله تعالى مستولياً على شيء دون شيء، وهو -سبحانه وتعالى- مستولٍ على كل شيء، وللزم أن يكون العرش قبل هذا ليس ملكاً لله بل ملكاً لغيره، ثم استولى عليه من غيره، وهذه معان باطلة لا تليق بالله سبحانه وتعالى.
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟