الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

مصاب بالوسوسة القهرية في الطهارة فما هو العلاج؟

الجواب
هذه الوساوس التي يبتلى بها بعض الناس في الوضوء، أو في الصلاة، أو في غير ذلك كلها من الشيطان، والله أرشدنا سبحانه للتعوذ منه، فقال -عز وجل-: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ* إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ﴾[الناس: 1-4] فعليك أن تتعوذ بالله من شر هذا العدو دائما، عند الوضوء، وعند الصلاة، وفي غير هذا من شؤونك، إذا هجم عليك بالوسوسة فهو عدوك، كما قال الله سبحانه: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾[فاطر: 6] ويقول -عز وجل-: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾ [الأعراف: 200] فعليك أن تستعيذ بالله عند الوضوء، وعند الصلاة، حاربه محاربة قوية، فإذا توضأت فلا ترجع، وتقول: ما توضأت وأنت ترى يديك مغسولة، ترى وجهك مغسولا، ترى رجليك مغسولة، تكذب عينك وترجع إلى طاعة الشيطان، استقم إذا توضأت، لا ترجع سواء مرة أو مرتين أو ثلاثًا، النهاية ثلاث، إذا غسلت العضو ثلاث مرات انتهى، لا تزد على هذا شيئا، النبي - صلى الله عليه وسلم- ما زاد على الثلاث، وجاء عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «من زاد فقد أساء وتعدى وظلم» فليس لك الزيادة، إذا تمضمضت واستنشقت مرة أو مرتين أو ثلاثًا فالحمد لله يكفي، ولا توسوس واحذر وإذا غسلت وجهك ثلاثًا فهذا هو النهاية، يمر الماء عليه ثلاث مرات هكذا إذا غسلت يديك كذلك اليمني واليسرى كل واحدة ثلاث ويكفي مرة أن يعمها الماء أو مرتان، يكفي لكن الثلاث هي النهاية، ثم تمسح رأسك مع أذنيك مرة واحدة بالماء ثم تغسل رجليك اليمني ثلاث واليسرى ثلاث ويجوز مرتين ويجوز مرة إذا عمها الماء، فلا تطع الشيطان، لا بد من حرب مع عدو الله، لتكن قويا، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف» لا تكن ضعيفا للشيطان عدوك، لو جاء واحد من الناس يخاصمك أو يطالبك بشيء ألا تكون قويا في دفع الشر عنك في الخصومة، أو يريد ضربك ألا تكون قويا في دفعه، هذا أعدى، هذا خبيث يريد هلاكك، يريد دخولك النار، فلا بد أن تكون قويا في حربه، في الوضوء وفي الصلاة وفي كل شيء، استحضر عقلك، اعرف أنك معاديه وأنه خصمك، وأنه عدوك وأنه حرب لك، فكيف تطاوعه؟ لا بد من قوة، ولا بد من تعوذ بالله من الشيطان، حتى تسلم من شره ومكايده، واسأل ربك العافية من شره، وكن قويا لا تتساهل مع ذلك العدو، ولا تمل إليه، تقول: أخاف، أخاف، أخاف، ما كملت.
لا، اجزم أنك كملت، وأنك أديت الواجب، وانتقل إلى العضو الثاني، وهكذا إذا كملت فلا ترجع، تقول: ما توضأت أو ما صليت.
لا، الحمد لله، اجزم بأنك فعلت، حتى لا يغلبك عدوك، حتى لا يستولي عليك، فيجعلك ضمن المجانين.
نسأل الله لك التوفيق والهداية.
السؤال: هل تنصحونه بأوراد معينة سماحة الشيخ، لعل الله -سبحانه وتعالى- يشفيه من هذا البلاء؟
ننصحه بأن يقول بعد كل صلاة إذا فرغ من الذكر، يقرأ آية الكرسي، ويقرأ: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾[الإخلاص: 1] مع المعوذتين بعد كل صلاة، هذا من أسباب السلامة، ويكرر ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ والمعوذتين بعد المغرب والفجر ثلاث مرات، وعند النوم يقرأ آية الكرسي أيضا، ويقرأ: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ والمعوذتين ثلاث مرات عند النوم، كل هذا من أسباب السلامة، وإذا أحس بشيء يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
وإذا اشتد عليه ينفث عن يساره ثلاث مرات، يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
ويذهب عنه إن شاء الله إذا كان قويا، ولا بد من القوة، فالشيطان هو عدو، والعدو يحتاج إلى قوة؛ لأن العدو إذا رأى من خصمه الضعف استولى عليه وهجم عليه وأخذ سلاحه، فلا بد أن يكون قويا، حتى يستطيع أن يرده ويصده عنه بقوة إيمانه وقوة تقواه، وثقته بالله وإيمانه به، وأنه سبحانه مع من اتقى، مع من صلح، والله يقول: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾[البقرة: 194] من اتقى فهو معه، يعينه على عدوه، ويقول: ﴿وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾[الأنفال: 46] يصبر على محاربته، والقوة في جهاده حتى يسلم من مكايده، والمسلم يجب أن يكون قويا في كل شيء، قويا في صلاته، في صومه، في وضوئه، في ذكره لله، في تركه للمحارم، في حذره من الوساوس، وجهاده لها، وعلمه بأنها باطلة، وأنها من عند عدو الله، حتى يطرحها وحتى يعاديها، وحتى يحذرها غاية الحذر، هكذا يكون المؤمن أبدا قويا في أموره كلها.
المصدر:
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(5/144- 148)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟