الثلاثاء 22 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

ما الحكم إذا كانت تربة القبر تنهار ولا تتماسك ؟

الجواب
إذا كانت الأرض ضعيفة لا يستطاع الحفر فيها، لضعفها وانهيارها يجعل ما يحفظ الميت من ألواح، أو حجارة أو نحو ذلك مما يحفظ الميت؛ حتى لا ينهار به القبر، يفعل ما يستطيع المؤمن من ألواح أو أخشاب أو حديد، المقصود الذي يستطيع به حفظ الميت؛ حتى لا ينهار به القبر حسب الطاقة: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾[التغابن: 16]. فلا شك أن هذا مهم، نسأل الله للجميع التوفيق، ثم نعيد أيضا مرة أخرى التحذير من البناء على القبور، الذي فعله اليهود والنصارى، ولا يجوز أن يبنى عليها مساجد ولا قباب ولا غير ذلك؛ لأن هذا البناء من أسباب الشرك بالله والغلو، كما فعله اليهود والنصارى، وفعله أشباههم من عباد القبور، الذين ظنوا أن هذا مشروع، فاتخذوا مساجد على القبور، وغالوا فيها واستغاثوا بأهلها، ونذورا لهم وطافوا بقبورهم، وهذا هو البلاء العظيم، هذا هو الشرك الأكبر؛ يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» وقال -عليه الصلاة والسلام- لما أخبرته أم حبيبة وأم سلمة بكنيسة في بلاد الحبشة، وما فيها من الصور قال -عليه الصلاة والسلام-: «أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك الصور، فأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة» حكم عليهم بأنهم شرار الخلق، الواجب الحذر، وفي الصحيح - صحيح مسلم - عن جندب بن عبد الله البجلي -رضي الله عنه- ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك» هذا نهي عظيم؛ لوجوه ثلاثة:
أولا - ذم من فعل ذلك؛ اليهود والنصارى وغيرهم، وهذا تحذير من التشبه بهم.
الثاني - قوله: «فلا تتخذوا القبور مساجد» هذا نهي صريح: لا تتخذوا القبور مساجد.
الثالث - قوله: «إني أنهاكم عن ذلك» هذا أيضا تأكيد للنهي في قوله: «إني أنهاكم عن ذلك».
فالواجب الحذر، والسر في هذا - والله أعلم، كما هو معروف عند أهل العلم - أنه ذريعة للشرك، أن هذا البناء وهذا التصوير عليها من أسباب الشرك بها، واتخاذ أهلها آلهة مع الله، كما قد وقع لليهود والنصارى وغيرهم، فيجب الحذر من ذلك وأن لا يبنى على القبر، لا مسجد ولا غيره، ولا قبة ولا غيرها، ولا يدعى من دون الله، ولا يستغاث ولا يطاف به ... إلى غير ذلك، العبادة حق الله وحده، هو الذي يُدعى ويُرجى ويُصلى له، ويُسجد له ويُنذر له، ويُذبح له، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي﴾ [الأنعام: 162], يعني: قل يا محمد للناس: إن صلاتي, ﴿وَنُسُكِي﴾[الأنعام: 162]: ذبحي وعبادتي, ﴿وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾[الأنعام: 162-163]. هكذا أمره الله أن يبلغ الناس -عليه الصلاة والسلام- ، قال تعالى: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾[الكوثر: 1-2]. وقال تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾[الحج: 29]. الطواف بالبيت العتيق، ما يطاف بالقبور، الطواف بالقبور عبادة لها من دون الله وشرك بالله عز وجل، إذا طاف يتقرب للميت بالطواف، أو يصلي له أو يسجد له، أو يقول: يا سيدي أغثني. أو: انصرني. أو: اشف مريضي. أو: أنا في جوارك. كل هذا شرك بالله، كل هذا عبادة لغيره سبحانه وتعالى، فالواجب الحذر غاية الحذر، نسأل الله للجميع الهداية.
المصدر:
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(14/ 73- 76)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟