الثلاثاء 22 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

كيفية وضوء المريض وصلاته

الجواب
أما كيف يتوضأ، فإن الواجب عليه أن يتوضأ بالماء إذا قدر على استعماله بلا ضرر؛ لقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾[المائدة: 6] يعني واغسلوا أرجلكم إلى الكعبين، فإن كان الماء يضره أو كان غير قادر على استعماله، فإنه يتيمم؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾[النساء: 43] فتيمموا وكيفية التيمم أن يضرب الأرض بيديه ضربة واحدة ثم يمسح بهما وجهه وكفيه ويسمح كفيه بعضهما ببعض هذه هي كيفية التيمم لمن لا يستطيع التطهر بالماء وإذا تيمم المريض، فإن تيممه هذا يقوم مقام الوضوء فما دام باقياً على طهارته لم تنتقض بشيء من النواقض، فإنه لا يلزمه إعادة التيمم حتى ولو بقي من الصباح إلى العشاء؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- قال بعد ذكر التيمم: ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ﴾[النساء: 43] وقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: «جعلت لي الأرض مسجداً وطهورا»، والطَّهور: بالفتح ما يتطهر به فدلت الآية الكريمة والحديث النبوي على أن التيمم مطهر إلا أن طهارته مؤقتة متى زال العذر المبيح للتيمم، فإنه يجب عليه أن يستعمل الماء فلو تيمم عن جنابة لعدم الماء ثم وجد الماء، فإنه يجب عليه أن يغتسل وإن لم تتجدد الجنابة ودليل ذلك حديث أبي سعيد الذي رواه البخاري مطولاً في قصة الرجل الذي رآه النبي - صلى الله عليه وسلم- معتزلاً لم يصل في القوم فسأله ما منعه أن يصلي في القوم؟ فقال: يا رسول الله أصابتني جنابة ولا ماء، فقال: «عليك بالصعيد فإنه يكفيك». ثم جيء بالماء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- واستقى الناس منه وارتووا وبقي منه بقية فأعطى هذا الرجل هذه البقية، وقال له: «خذ هذا أفرغه على نفسك»، فدل ذلك على أن التيمم إنما يكون مطهراً في الوقت الذي يكون استعماله جائزاً، وأما إذا زال العذر المبيح له فإن حدثه يعود عليه ويجب عليه استعمال الماء عند إرادة الصلاة.
وأما كيف يصلي المريض فقد بينه النبي - صلى الله عليه وسلم- بقوله لعمران بن حصين: «صلِّ قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنبك» فيجب على المريض أن يستقبل القبلة ويصلي قائماً ولو كان معتمداً على عصا أو على جدار أو على عمود أو نحو ذلك، فإن لم يستطع القيام فإنه يصلي قاعداً وفي حال قعوده يكون متربعاً لا مفترشاً ويومئ بالركوع، وفي السجود يسجد على الأرض إن تمكن، فإن لم يتمكن أومأ بالسجود أيضاً ويجلس بين السجدتين وفي التشهد كما كان يجلس في العادة ويجب على المريض أن يتجنب في صلاته كل ما يتجنبه الصحيح من النجاسات وغيرها، فيصلي في ثياب طاهرة ويصلي على فراش طاهر، فإن كان عليه ثياب نجسة لا يتمكن من خلعها صلى فيها ولا إعادة عليه لعدم قدرته على خلع هذه الثياب، إلا إذا كان يمكن أن يغسلها، مثل: أن تكون النجاسة في أسفلها ويمكن أن يغسلها، فليغسلها وكذلك الفراش إذا كان متنجساً، فإن الواجب عليه إزالته ليصلي على طاهر، فإن لم تمكن إزالته بسط عليه شيئاً طاهراً وصلى عليه، فإن لم يمكن ذلك صلى عليه ولو كان نجساً إن كان لا يمكنه أن يتحول عنه، وكل هذه التسهيلات كلها مأخوذة من قوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾[التغابن: 16] وقوله: ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا﴾[البقرة: 286] ومن قول النبي - صلى الله عليه وسلم-: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم».
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟