الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

كيف نجمع بين القول بوجوب القصر ووجوب الجماعة في السفر ؟

الجواب
أما قولك: إن أكثر العلماء أوجبوا عليه القصر فهذا ليس بصحيح، بل أكثر العلماء على عدم وجوب القصر، والمسألة فيها خلاف معروف مشهور، والذي يظهر بعد التأمل: أن القصر ليس بواجب، ودليل ذلك: ما يكاد يكون إجماعاً من الصحابة حيث إن أمير المؤمنين عثمان - رضي الله عنه - كان يقصُر الصلاة في منى في أيام الحج وفي آخر خلافته صار يُتِم، فأنكر عليه ذلك مَن أنكر من الصحابة، ومنهم: عبد الله بن مسعود، حتى إنه لما بلغه أن عثمان أتَمَّ قال: (إنا لله وإنا إليه راجعون) ، واستدل لإنكاره هذا بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا يقصُرون الصلاة، ثم كان يصلي هو خلف عثمان ويُتِم، وكذلك الصحابة يصلون خلفه ويتمون، وسئل عن ذلك فقال: (إن الخلاف شر)، ولو كان الصحابة يرون أنه واجب - أي: القصر - ما أتموا خلف عثمان؛ لأن من رأى أنه واجب قال: إذا زاد على ركعتين بطلت صلاته، ولا يمكن أن يصلوا خلف عثمان صلاة باطلة؛ لأن هذا محرم، فكنتُ أقول في الأول: إن القصر واجب، استناداً إلى حديث عائشة: (أول ما فرضت الصلاة ركعتين، فأُقِرَّت صلاة السفر وزِيْدَت في صلاة الحضر) ؛ لكن من فعل الصحابة - رضي الله عنهم - يترجح أن القصر ليس بواجب؛ ولكنه سنة مؤكدة لا شك، وإذا قلنا: إنه سنة مؤكدة فإننا نقول: إذا ائتم المسافر بمقيم وجب عليه أن يتم؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - : «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا» .
ولقول ابن عباس حين سئل عن الرجل المسافر يصلي ركعتين ومع الإمام أربعاً قال: (تلك هي السنة) .
ويبقى هل يجب عليه أن يصلي مع الجماعة أم لا ؟ نقول: يجب عليه أن يصلي مع الجماعة لعموم الأدلة الدالة على أن من سمع النداء وجب عليه أن يحضر، وأن يجيب؛ لكن لو فاتته الصلاة أو كان في مكان بعيد يشق عليه أن يذهب إلى المسجد الذي تقام فيه الجماعة فإنه يصلي صلاة مسافر، وإذا كانوا جماعة أقاموا الجماعة، نعم.
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من لقاءات الباب المفتوح، لقاء رقم(138)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟