الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

قال لها زوجها: (أنتِ طالق ومحرمة عليَّ مثل أُمي وأُختي) حال سكره فما الحكم؟

الجواب
إذا كان حين قوله هذا عاقلاً، فإن الطلاق يقع ويقع به طلقة واحدة، وتحرم به المرأة بالتحريم، حتى يكفر إذا كان عقله معه، تقع طلقة وله مراجعتها ما دامت في العدة، إذا كان لم يطلقها قبل هذا طلقتين وعليه كفارة الظّهار، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن عجز صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينًا، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، من تمر أو أرز أو غير ذلك قبل أن يطأها، قبل أن يقربها، أما إن كان حين قوله هذا قد لعب به الخمر، وقد ذهبت بعقله الخمرة ولم يبق يعقل ما يقول، فإنه لا يقع طلاقه في أصح قولي العلماء، كما أفتى بذلك عثمان بن عفان الخليفة الراشد -رضي الله عنه- ، وذهب إلى قوله جماعة من أهل العلم، وهو الصواب وهكذا لا يقع تحريمه، ولا يؤثر؛ لأن صدر من غير عاقل، والأحكام مناطة بالعقل، فمتى عرفت السائلة منه، أنه ذاك الوقت ليس في عقله، فإن هذا الطلاق وهذا التحريم لا يعول عليهما، وهي زوجته وباقية في عصمته، أما إن كان عاقلاً، ليس متغيرًا بسبب الخمر، فإن الطلاق يقع كما تقدم طلقة واحدة، وله المراجعة ما دام لم يطلّقها قبلها طلقتين، وعليه كفارة الظهار كما تقدّم، اللهم إلاّ أن تكون حال إيقاع الطلاق، في طهرٍ جامعها فيه أو في نفاس، أو في حيضٍ فإنه لا يقع الطلاق على الصحيح، وبه قال جمع من أهل العلم، وثبت عن ابن عمر -رضي الله عنمها- ، ما يدل على ذلك لحديث ابن عمر في الصحيحين، أن النبي - صلى الله عليه وسلم- لما بلغه أن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض غضب وأنكر عليه، وأمره بمراجعتها فإذا طهُرت من الحيضة، التي بعد الحيضة التي طلّقها فيه، فإنه بعد ذلك إن شاء طلّق، وإن شاء أمسك قبل أن يمسّها، وفي لفظٍ قال له فليطلقها طاهرًا أو حاملاً، يعني بعد طهرها من حيضتها، التي طلّقها فيها ثم بعد طهرها من حيضتها الأخرى، وهذا قول نصره جماعة من أهل العلم، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ، وابن القيم - رحمه الله - ، وهو يدل عليه قوله -عليه الصلاة والسلام- : «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» وهذا عمل ليس عليه أمر النبي - صلى الله عليه وسلم- ، بل هو خلاف الشرع، فإن السنة أن يطلق الزوج زوجته طاهرة من غير جماع، أما طلاقها في الحيض أو في النفاس، أو في طهرٍ جامعها فيه، وهي ليست حاملاً، فإنه طلاق بدعة، لا يقع على الصحيح عن جمع أهل العلم، كما تقدمت الإشارة إلى ذلك. وإذا رأت أن مصلحتها أن تبقى معه، ونصيحته لحفظ أولاده، والإنفاق عليها ورجت أن الله ينفعه بكلامها ونصيحتها، فهذا يكون أولى لئلا تضيع، إذا كانت في بلد ليس هناك من يصونها، ومن يقوم عليها، وإن رأت أن فراقه أصلح؛ لأن عندها من يصونها، ويحسن إليها وإلى أولادها ولا ترجو رجوعه عن هذا الباطل، ففراقه أصلح، ترفع الأمر إلى المحكمة، أو تطلب منه الطلاق لعله يطلّق، أو المحكمة الشرعية تنظر أو توسط من ترى من الأعيان والأخيار، من التوسّط بينهما حتى يطلقها أو يتوب إلى الله من عمله السيئ.
المصدر:
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(22/157- 160)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟