الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

فضل السواك وبيان الأوقات المستحب في استعماله

الجواب
قد صحت الأحاديث عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- في فضل السواك والترغيب فيه، ومن ذلك ما رواه الشيخان؛ البخاري ومسلم في الصحيحين، عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة» وهذا يدل على تأكد السواك وشرعيته؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- رغب فيه وحرض عليه، وإنما أراد أمر الوجوب، يعني: لأمرتهم أمر إيجاب، وإلا فأمر الاستحباب، ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- ما يدل على استحبابه وشرعيته، ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب» أخرجه النسائي وغيره بإسناد صحيح، ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء» ومن ذلك ما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «كان -عليه الصلاة والسلام- يبدأ بالسواك إذا دخل منزله» وكان يستعمل السواك كثيرًا -عليه الصلاة والسلام-: «وكان إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك» رواه الشيخان من حديث أبي حذيفة -رضي الله عنه- ، والأحاديث في هذا كثيرة، تدل على شرعية السواك واستحبابه.
ويتأكد عند الصلاة قبل أن يكبر الإمام، يستاك قبل أن يكبر، السنة أنه يستاك عند الصلاة قبل أن يكبر، فإذا كبر الإمام بادر وكبر بعده، كذلك عند المضمضة، عند الوضوء في أول الوضوء، وهكذا عند دخول المنزل، وهكذا إذا تغير الفم والأسنان، يستحب أن يستاك حتى يزيل الرائحة السيئة من الفم، وحتى يحصل بذلك تنظيف الأسنان، ولهذا قال -عليه الصلاة والسلام-: «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب» وهذا يعم الصائم وغير الصائم، في آخر النهار وفي أوله، وفي الليل والنهار، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يكره في آخر النهار للصائم؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك» قالوا: السواك قد يزيل هذا الخلوف أو يخففه.
والصواب أنه لا يكره للصائم في آخر النهار، بل يستحب دائما؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- قال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء وعند كل صلاة» وهذا يعم الصائم وغيره، ويعم صلاة الظهر والعصر في حق الصائم وغيره؛ ولأن الخلوف لا يزول بل يبقى؛ لأن الخلوف شيء يتصاعد من الجوف في حق الصائم، فالسواك لا يزيله، بل بعد رفع السواك يحصل تصاعد هذا الخلوف الذي هو مفضل عند الله -سبحانه وتعالى- ، ثم خبر الخلوف خاص بمعنى يقتضي ترغيب الصائم في الصيام وبيان فضل الصيام، وأنه له عند الله منزلة عظيمة، ولا ينافي مسألة السواك، فالمشروع لكل مؤمن أن يعتني بالسواك كما شرعه الله جل وعلا على لسان رسوله -عليه الصلاة والسلام- ، وأن يحرص عليه إحياء للسنة، وتعظيما لها، وترغيبا فيها حتى يتأسى به غيره، وهكذا بقية السنن، مثل الوتر فإنه متأكد ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، يستحب للمؤمن أن يوتر في السفر والحضر، وأقله ركعة، وليس له حد، لكن أقله ركعة، وإن أوتر بثلاث أو بخمس أو بأكثر كان أجره أعظم، والأفضل أن يوتر بوتر النبي -صلى الله عليه وسلم- ؛ إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، وإن أوتر بأقل أو بأكثر فلا حرج في ذلك، وهكذا صلاة الضحى سنة مؤكدة، وأقلها ركعتان، وإن صلى أكثر فلا بأس، وهكذا سنة الظهر سنة المغرب، سنة العشاء، سنة الفجر، وهكذا بقية السنن، سنة الظهر أربع قبلها واثنتان بعدها، يعني: تسليمتان قبلها وركعتان بعدها، سنة المغرب ركعتان، سنة العشاء ركعتان بعدها، سنة الفجر ركعتان قبلها، ويستحب قبل العصر أربع؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «رحم الله من صلى أربعا قبل العصر» يصليها بتسليمتين، ويستحب أن يصلي أمام كل صلاة ركعتين؛ قبل المغرب، قبل العشاء؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، ثم قال في الثالثة: لمن شاء» هكذا عيادة المريض، وتشميت العاطس إذا حمد الله، البدء بالسلام وإفشاء السلام، نصيحة المسلمين، واتباع الجنائز، والصلاة على الجنائز، كل هذه سنن عظيمة ينبغي للمؤمن العناية بها، وهكذا صدقة التطوع ولو بشق تمرة، الدعوة إلى الخير والتشجيع عليه، حفظ اللسان عن فضول الكلام التي لا فائدة فيها، إلى غير هذا مما ينبغي للمؤمن أن يعتني به.
وقد تقدم التنبيه على أن السنة أن يستاك قبل أن يكبر الإمام، حتى إذا كبر الإمام بادر بالتكبير؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا كبروا فكبروا» فيستحب للمؤمن أن يستاك قبل تكبير الإمام، إذا قام للصلاة يستاك وإذا كبر إمامه كبر، وهكذا يوم الجمعة؛ لا يستاك وقت الخطبة، بل ينصت ويقبل على الخطبة ولا يستاك، ولا يعبث، حتى السواك لا يستعمله ولا يرد السلام، ولا يشمت العاطس والإمام يخطب، بل يقبل على الخطبة ويستمع لها وينصت لها، ويحفظ السواك حتى تأتي الحاجة إليه عند إقامة الصلاة عندما ينتهي من الخطبة.
وهكذا لا يعبث بثيابه أو بلحيته أو بغير ذلك، بل يقبل على خطبة الإمام، ويستمع لها وينصت، ويكون قلبه حاضرا حتى يستفيد.
المصدر:
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(5/33- 38)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟