الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

صلاة الكسوف مشروعة بالرؤية وليس بخبر أهل الحساب

الجواب
فأقول: قد صحت الأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالأمر بصلاة الكسوف والذكر والدعاء عندما يرى المسلمون كسوف الشمس أو القمر فقال - صلى الله عليه وسلم - : «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكن الله يرسلهما يخوف بهما عباده فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم» وفي لفظ آخر: «فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره» فعلق - صلى الله عليه وسلم - الأمر بالصلاة والدعاء والذكر والاستغفار برؤية الكسوف لا بخبر الحسابيين.
فالواجب على المسلمين جميعا التمسك بالسنة والعمل بها والحذر من كل ما يخالفها.
وبذلك يعلم أن الذين صلوا صلاة الكسوف ليلة الاثنين 15/5 اعتمادا على خبر الحسابيين قد أخطئوا وخالفوا السنة.
ويعلم أيضا أنه لا يشرع لأهل بلد لم يقع عندهم الكسوف أن يصلوا; لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - علق الأمر بالصلاة، وما ذكر معها برؤية الكسوف لا بالخبر من أهل الحساب بأنه سيقع، ولا بوقوعه في بلد آخر، وقد قال الله -عز وجل- : ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾[الحشر: 7] وقال سبحانه: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾[الأحزاب: 21] وهو - صلى الله عليه وسلم - إنما صلى صلاة الكسوف لما وقع ذلك في المدينة وشاهده الناس، وقال -عز وجل- : ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾[النور: 63].
ومعلوم أنه - صلى الله عليه وسلم - هو أعلم الناس وأنصح الناس، وأنه هو المبلغ عن الله أحكامه، فلو كانت صلاة الكسوف تشرع بأخبار الحسابيين، أو بوقوع الكسوف في مناطق أو أقاليم لا يشاهدها إلا أهلها، لبين ذلك وأرشد الأمة إليه، فلما لم يبين ذلك، بل بين خلافه، وأرشد الأمة إلى أن يعتمدوا على الرؤية للكسوف علم بذلك أن الصلاة لا تشرع إلا لمن شاهد الكسوف أو وقع في بلده.
ولما شرع الله من بيان الحق والنصيحة للخلق والدعوة إلى سبيل الهدى والتحذير مما يخالف ذلك، جرى تحرير هذه الكلمة.
والله المسئول أن يوفقنا وجميع المسلمين للعلم النافع والعمل به، وأن يعيذنا وجميع إخواننا من القول على الله بغير علم، وأن يصلح أحوال المسلمين جميعا ويمنحهم الفقه في الدين، وأن يولي عليهم خيارهم ويصلح قادتهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن باز(13/30-33)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟