الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

حكم من يداوم على صوم رمضان ثلاثين يوماً

الجواب
قد دلت الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإجماع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتابعين لهم بإحسان من العلماء على أن الشهر يكون ثلاثين، ويكون تسعاً وعشرين، فمن صامه دائماً ثلاثين من غير نظر في الأهلة فقد خالف السنة والإجماع، وابتدع في الدين بدعة لم يأذن بها الله، قال سبحانه: ﴿اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء﴾[الأعراف: 3]، وقال سبحانه: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾[آل عمران: 31]، وقال تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾[الحشر: 7]، وقال عز وجل: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾[النساء: 13، 14] والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وفي الصحيحين من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاقدروا له» متفق عليه. وفي رواية مسلم: «فاقدروا له ثلاثين»، وفي لفظ آخر في الصحيحين: «إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين».
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين»، وفي لفظ آخر: «فأكملوا العدة ثلاثين»، وفي لفظ آخر: «فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً».
وعن حذيفة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تصوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة ولا تفطروا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة» رواه أبو داود والنسائي، بإسناد صحيح.
وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - في عدة أحاديث أنه قال: «إن الشهر تسع وعشرون فلا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروا الهلال فإن غم عليكم فأكملوا العدة».
وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «الشهر هكذا وهكذا وهكذا» وأشار بأصابعه العشر وخنس إبهامه في الثالثة، ثم قال: «الشهر هكذا وهكذا وهكذا» بأصابعه العشرة ولم يخنس منها شيئاً، يشير - صلى الله عليه وسلم - إلى أنه يكون في بعض الأحيان ثلاثين، ويكون في بعضها تسعاً وعشرين، وقد تلقى أهل العلم والإيمان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأتباعهم بإحسان هذه الأحاديث الصحيحة بالقبول والتسليم وعملوا بمقتضاها فكانوا يتراءون هلال شعبان ورمضان وشوال ويعملون بما تشهد به البينة من تمام الشهر أو نقصانه، فالواجب على جميع المسلمين أن يسيروا على النهج القويم وأن يتركوا ما خالف ذلك من آراء الناس وما أحدثوه من البدع، وبذلك ينتظمون في سلك من وعدهم الله بالجنة والرضوان في قوله تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ - رضي الله عنهم - وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾[التوبة:100].
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن باز(15/161- 164)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟