الجواب
الله جل وعلا أحل لعباده ما فيه نجاتهم وقضاء حاجتهم، وحرم عليهم ما يضرهم فليس العبد مضطرا إلى ما حرم الله عليه، بل عليه أن يسعى جهده في طلب الرزق الحلال، والتوظيف في البنوك لا يجوز؛ لأنه إعانة لهم على الإثم والعدوان سواء كان محاسبا أو كاتبا أو غير ذلك، فالواجب على المؤمن أن يحذر ذلك وأن يبتعد عن البنوك؛ لأن الله يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾[المائدة: 2] فالتعاون مع البنوك أو مع قطاع الطرق، أو مع السراق، أو مع الغشاشين، أو مع أصحاب الرشوة، كله تعاون على الإثم والعدوان فلا يجوز، وما قبضته قبل ذلك، أي قبل العلم فلك ما سلف، وما كان بعد العلم فليس لك، لقول الله جل وعلا: ﴿فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾[البقرة: 275] فما قبضته سابقا قبل أن تعلم فهو لك، وأما بعد أن علمت فعليك أن تترك هذا العمل وأن تتوب إلى الله سبحانه مما سلف، وتبذل ما قبضته من طريق الربا وأنت عالم به في جهة البر والخير كالصدقة على الفقراء والمساكين إلى غير ذلك حتى تتخلص من هذا المال الذي جاءك بغير وجه شرعي، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه «لعن آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء»، فالواجب على المؤمن أن يحذر من ذلك : ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾[الطلاق: 2] ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾[الطلاق: 4] فأنت إذا اتقيت الله يسر الله أمرك ورزقك من حيث لا تحتسب، فالتمس أعمالا أخرى ولو بأجر قليل إذا كنت تأخذ من البنك خمسة آلاف، أو ستة آلاف، أو عشرة آلاف شهريا، فسوف تجد إن شاء الله من الأعمال المباحة بمعاش يكفيك ويبارك الله لك فيه، ولو ألفين، أو ثلاثة، أو أربعة، ولو أقل من ذلك بكثير، أنت عليك أن تطلب الحلال والله يعوضك يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح لما سئل أي الكسب أطيب قال: «عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور»، وقال أيضًا : «ما أكل أحد طعاما أفضل من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده»، -عليه الصلاة والسلام-.