الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

حكم زيارة قبر الولي والتقرب عنده بشيء من العبادات

الجواب
الإسلام يقوم على خمسة أركان، بينها النبي-صلى الله عليه وسلم- بقوله: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا»، ومعنى: (شهادة أن لا إله إلا الله): لا معبود بحق إلا الله، فيجب إفراد الله بجميع أنواع العبادة الظاهرة والباطنة من خوف ورجاء ومحبة وخشية وإنابة وصلاة وصوم وحج ونذر وذبح ودعاء واستغاثة وغيرها من العبادات، وهذا هو التوحيد الذي لا يقبل الله من أحد دينا سواه، وهو الموعود لصاحبه بدخول الجنة والنجاة من النار، كما هو معلوم من نصوص القرآن والسنة الكثيرة، كقول الله تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾[النساء: 36]، وقوله: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾[النحل: 36]، وقوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[الذاريات: 56]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾[النساء: 116]، وقوله: ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾[النساء: 48]، وقوله: ﴿إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾[المائدة: 72]. وقوله: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾[الأنعام: 162- 163]، وقوله: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾[الكوثر: 3]، وقال النبي-صلى الله عليه وسلم-: «من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار» خرجه البخاري في (صحيحه)، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به دخل النار» أخرجه مسلم في (صحيحه)
هذا هو التوحيد الذي هو حق الله على عباده، فمن صرف هذا الحق لغير الله، أو صرف بعضه لغير الله، فقد أشرك شركا أكبر، وكفر بالله العظيم، وذلك كمن يدعو الأموات ويستغيث بهم لجلب نفع أو دفع ضر، ويذبح لهم وينذر لهم، قال الله تعالى مبينا ضلال وهلاك من دعا غيره سبحانه: ﴿وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ* وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾[يونس: 106- 107] وقال -جل وعلا-: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾[العنكبوت: 17]، وقال -عز وجل-: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ﴾[الاحقاف: 5 ـ 6]، وقال سبحانه: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾[النمل: 62].
وبناء على ما تقدم فما يفعله بعض أهل بلدكم عند القبر المذكور تقربا إلى الميت بشيء من العبادات هو من الشرك الأكبر المخرج من الملة، وإن كانوا يفعلونه تقربا إلى الله ويظنون أن فعله عند القبر سبب لقبوله - فهذا توسل مبتدع، ووسيلة إلى الشرك، فالواجب عليهم التوبة إلى الله من هذا العمل وإخلاص الدين لله وحده.
والواجب على الجميع العناية بتعلم أركان الإسلام والإيمان كما جاءت في القرآن والسنة، وكما بينها علماء السنة والجماعة، والحذر من الوقوع في نواقض الإيمان والإسلام من الشرك وغيره، كما يجب على من آتاه الله علما وفهما أن يدعو إلى توحيد الله تعالى بالأساليب المناسبة والطرق النافعة، كما قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾[فصلت: 33]، وكما قال سبحانه: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾[يوسف: 108].
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر:
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(1/147-151)المجموعة الثانية
بكر أبو زيد ... عضو
صالح الفوزان ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ. ... الرئيس

هل انتفعت بهذه الإجابة؟