الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 25-03-2020

حكم بيع التورق

الجواب
التَّوَرُّق معاملة معروفة عند أهل العلم، فيها خلاف بين أهل العلم، والصواب أنه لا بأس بها، فالمعاملة التي يسمونها التَّوَرُّق، ويسميها العامة الوعدة، هي أن يبيع الإنسان سلعة على إنسان محتاج إلى أجل معلوم، وهذا المشتري بعد ما يستلمها يبيعها بنقد، ويقضي بها حاجته من زواج أو قضاء دين أو بناء سكن أو غير ذلك، فيأتي زيد وهو محتاج إلى عمرو وهو من التجار ويقول له: أريد سيارة أو أريد أكياسًا من الأرز أو السكر، تبيعني إياها إلى أجل معلوم، فيقول: نعم، فيتفقان على ثمن معلوم، وعلى أقساط معلومة، فيتم البيع على ذلك، وهذا المشتري بعد ما يقبضها ويحوزها إليه، يتصرف فيها كما يشاء، يبيعها بثمن معين حتى يقضي حاجته، من زواج أو قضاء دين أو غير ذلك، ولكن يقع في هذا أخطاء لهؤلاء ولهؤلاء، يجب التنبيه عليها وقد نبهنا عليها كثيرًا في هذا البرنامج وفي غيره، وهي أن البائع قد يبيع ما ليس عنده: التاجر قد يبيع سيارات ليست عنده وإنما عند التجار أو عند الشركات، قد يبيع أكياسًا من الرز ليست عنده، وبعد البيع يذهب ويشتريها، هذا لا يجوز، النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تبع ما ليس عندك» وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، وجاءه حكيم بن حزام -رضي الله عنه- ، فقال: «يا رسول الله الرجل يأتيني يريد السلعة، فأبيعها عليه ثم أذهب فأشتريها، قال: لا تبع ما ليس عندك» فالحاصل أن البائع قد يخطئ، والمشتري قد يخطئ، فالبائع قد يبيع ما ليس عنده ثم يذهب فيشتري هذه السلعة، وهذا لا يجوز، بل لا يبيع سيارة ولا أكياسًا ولا خامًا ولا كذا إلا إذا كان عنده في حوزته، في ملكه، في بيته، في دكانه، والمشتري المحتاج ليس له أن يبيع حتى يقبض، لا يبيعها على الذي باع عليه ولا يبيعها وهي عنده، بل يقبضها وينقلها إلى بيته أو إلى السوق أو إلى بيت فلان أو دكان فلان، يعني ينقلها من محل البائع ثم يتصرف بعد ذلك، هكذا يجب على هذا وهذا، فإذا باع أحدهم قبل أن يقبض، فهذا هو الذي لا يجوز، وهو الذي يخل به كثير من الناس وتأتي المشكلة من هذا الجانب، والله ولي التوفيق، يعني: لو جاء وقال: أريد أن أشتري منك السلعة العشرة بثلاثة عشر أو خمسة عشر، اتفقا على ذلك، هذا ما يتم فيه البيع، هذا وعد تمهيد، لكن البيع الذي يتم بعد ما يحوزها التاجر، يكون عنده في بيته السلعة، ثم يبيعها عليه بعد ذلك، يبيعها على الراغب بثمن معين، وأقساط معلومة لأجل معلوم، العشرة بخمسة عشر أقل أو أكثر لا بأس، ليس له حد محدود، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه في بعض تجهيز السرايا اشترى البعير بالبعيرين، إلى أجل معلوم، فالحاصل أنه لا بأس أن يشتري منه إلى أجل معلوم، بعد ما يحوز التاجر المال، أما كونه يخاطبه قبل ذلك، ويتفق معه على أن يشتري منه كذا وكذا لا بأس، لكن لا يتم بيع لا لهذا ولا لهذا، كل واحد له أن يرجع عما عزم عليه، حتى يتم البيع بعد شراء التاجر للسلعة، وبعد إحضارها في ملكه وبعد حوزتها بعد ذلك يبيع وإذا تم البيع بعد ذلك لزم بعد التفرق، بعض الناس يشكو من جهة زيادة الثمن، التاجر يبيع عليه بثمن رفيع، وبعض الناس يشتكي أنه يبيع ما لا يملك قبل أن يملك قبل أن يقبض، فالذي يشتكي منه هو أن يبيع قبل أن يملك السلعة، أو المشتري يبيع قبل أن يقبضها، فالتاجر ليس له البيع حتى تكون عنده السلعة، والمشتري من التاجر ليس له أن يبيع حتى يقبضها من التاجر، أما الحد المحدود في الربح، فليس له حد محدود والناس يختلفون، منهم من يكون مليئًا ويسدد بدون تعب ولا أذى، هذا التاجر يخفف عليه الزيادة ولا يكثر عليه، ومنهم من يخشى أنه يطول إلى أجل بعيد، وربما يماطل، هذا هو الذي قد يزيدون عليه في الثمن، بسبب طول الأجل أو بسبب خوفهم من التأخير.
المصدر:
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(19/24- 27)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟