الجواب
وبما أن هذا الجواب جواب باطل مخالف للكتاب والسنة وإجماع أهل السنة سلفا وخلفًا، وللعقيدة الصحيحة، لأنه يتضمن مذهب الحلول - أي أن الله حال في كل مكان حتى المواضع القذرة، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا - وكذلك يتضمن هذا الجواب تعطيل الله من صفاته العظيمة التي وصف بها نفسه ووصفه بها رسوله -صلى الله عليه وسلم- من علوه على خلقه، واستوائه على عرشه، وأنه بائن من خلقه سبحانه وتعالى، ليس في خلقه شيء من ذاته سبحانه ولا في ذاته شيء من مخلوقاته، وأنه موصوف بأن له يدا ورجلا وقدما وساقا، وأن له وجها ويدين وعينين إلى غير ذلك من صفات كماله الذاتية والفعلية، كما ثبت ذلك في الكتاب والسنة، قال تعالى: ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾[البقرة: 255] وقال تعالى: ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا﴾[الملك: 16-17] وقال -عليه الصلاة والسلام-: «ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء»، وقال تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾[طه: 5] في سبعة مواضع من كتابه. وقال تعالى: ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾[الرحمن: 27] وقال تعالى: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾، وقال تعالى لإبليس: ﴿مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾[ص: 75] وقال تعالى: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾[المائدة: 64] وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا تزال جهنم يلقى فيها وهي تقول: هل من مزيد، حتى يضع رب العزة فيها رجله»، وفي رواية: «قدمه فينزوي بعضها إلى بعض وتقول: قط قط». وقال تعالى لكليمه موسى -عليه السلام-: ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾[طه: 39] ، وقال تعالى: ﴿تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا﴾[القمر: 14] وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن ربكم ليس بأعور»، وقال تعالى: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ﴾[القلم: 42] وقد فسر النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك بأن الله تعالى يكشف عن ساقه يوم القيامة، فإذا رآه المؤمنون سجدوا لله تعالى تعظيما، ويريد المنافقون أن يسجدوا عند ذلك فلا يستطيعون، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «رأيت ربي -عز وجل- في أحسن صورة»، وقال: «إن الله خلق آدم على صورة الرحمن»، إلى غير ذلك من نصوص الصفات الواردة في الكتاب والسنة، ومذهب أهل السنة والجماعة الإيمان بها، وإثبات ما دلت من غير تشبيه ولا تمثيل، كما قال تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾[الشورى: 11].
وإن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية إذ تبين ذلك، فإن الواجب على رئيس تحرير (مجلة المدينة) الشهرية الصادرة من دكا ببنغلاديش الشيخ محيي الدين خان أن ينشر هذه الفتوى، وأن يطلب من صاحب الجواب المذكور أن يتراجع عنه، ويعلن تراجعه في نفس المجلة، فإن الرجوع إلى الحق فضيلة، والحق ضالة المؤمنين، ولما في ذلك من هداية الناس إلى الحق وصرفهم عن الباطل، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه إلى يوم القيامة، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه إلى يوم القيامة، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا».
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.