الأحد 20 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

حكم الحلف بغير الله تعالى مع توجيه حديث: (أفلح وأبيه إن صدق)

الجواب
الحلف بغير الله -عز وجل- مثل أن يقول: وحياتك، أو حياتي، أو والنبي أو والسيد الرئيس، أو والشعب، أو ما أشبه ذلك، كل هذا محرم بل هو من الشرك؛ لأن هذا النوع من التعظيم لا يصلح إلا لله -عز وجل- ومن عظم غير الله بما لا يكون إلا لله فهو شرك، لكن لما كان هذا الحالف لا يعتقد أن عظمة المحلوف به كعظمة الله لم يكن الشرك شركًا أكبر بل كان شركًا أصغر، فمن حلف بغير الله فقد أشرك شركًا أصغر، قال النبي-صلى الله عليه وسلم-: «لا تحلفوا بآبائكم، من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت». وقال-صلى الله عليه وسلم-: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك». فلا تحلف بغير الله أيًّا كان المحلوف به حتى لو كان النبي-صلى الله عليه وسلم- أو جبريل أو من دونهما من الرسل من الملائكة، أو البشر، أو من دون الرسل فلا تحلف بشيء سوى الله -عز وجل-.
وأما قول النبي-صلى الله عليه وسلم-: «أفلح وأبيه إن صدق» فهذه الكلمة «وأبيه» اختلف الحفاظ فيها:
فمنهم من أنكرها وقال: لم تصح عن النبي-صلى الله عليه وسلم-، وبناء على ذلك فلا إشكال في الموضوع؛ لأن المعارض لا بد أن يكون قائمًا وإذا لم يكن المعارض قائمًا فهو غير مقاوم ولا يلتفت إليه.
وعلى القول بأنها ثابتة فإن الجواب على ذلك: أن هذا من المشكل، والنهي عن الحلف بغير الله من المحكم، فيكون لدينا محكم ومتشابه وطريق الراسخين في العلم في المحكم والمتشابه أن يدعوا المتشابه ويأخذوا بالمحكم قال الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾[آل عمران: 7].
ووجه كونه متشابهًا أن فيه احتمالات متعددة:
1 - قد يكون هذا قبل النهي.
2 - قد يكون هذا خاصًا بالرسول عليه الصلاة والسلام؛ لبعد الشرك في حقه.
3- قد يكون هذا مما يجري على اللسان بغير قصد.
ولما كانت هذه الاحتمالات وغيرها واردة على هذه الكلمة -إن صحت- عن الرسول، عليه الصلاة والسلام، صار الواجب علينا أن نأخذ بالمحكم وهو النهي عن الحلف بغير الله.
ولكن يقول: بعض الناس إن الحلف بغير الله قد جرى على لساني ويصعب علي أن أدعه فما الجواب؟
نقول: إن هذا ليس بحجة بل جاهد نفسك على تركه والخروج منه، وحاول بقدر ما تستطيع أن تمحو من لسانك هذه الكلمة؛ لأنها شرك، والشرك خطره عظيم ولو كان أصغر حتى إن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يقول: (الشرك لا يغفره الله ولو كان أصغر) وقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: (لئن أحلف بالله كاذبًا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقًا) قال شيخ الإسلام: وذلك لأن سيئة الشرك أعظم من سيئة الكبيرة.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(2/215-217)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟