الجواب
الحلف بحياة الله حلفٌ صحيح؛ لأن الحلف يكون بالله أو بأي اسمٍ من أسماء الله أو بصفةٍ من صفات الله، والحياة صفةٌ من صفات الله، فإذا قال: وحياة الله لأفعلن كذا وكذا كان يميناً منعقدةً جائزة. وأما إذا حلف بحياة النبي أو بحياة الولي أو بحياة الخليفة أو بحياة أي معظم سوى الله -عز وجل- فإن ذلك من الشرك، وفيه معصية لله -عز وجل- ورسوله، وفيه إثم؛ لقول النبي-صلى الله عليه وسلم-: من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك». ولقول النبي-صلى الله عليه وسلم-: «لا تحلفوا بآبائكم، من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت». وإنا نسمع كثيراً من الناس يقول: والنبي لأفعلن كذا، وحياة النبي لأفعلن كذا، ويدعي أن هذا مما يجري على لسانه بلا قصد. فنقول: حتى في هذه الحال عود لسانك أن لا تحلف إلا بالله -عز وجل- ، واحبس نفسك عن الحلف بغير الله. ثم إنه بهذه المناسبة أود أن أبين لإخواني المستمعين أنه لا ينبغي للإنسان أن يكثر الأيمان؛ لأن بعض أهل العلم فسر قول الله تعالى: ﴿واحفظوا أيمانكم﴾[المائدة: 89] بأن المراد لا تكثروا الحلف، وإذا قدر أن الإنسان حلف على شيء مستقبل فليقل: إن شاء الله؛ لأنه إذا قال: إن شاء الله كان في ذلك فائدتان عظيمتان: الفائدة الأولى: أن هذا من أسباب تيسير الأمر الذي حلف عليه وحصول مقصوده، والثانية: أنه لو لم يفعل فلا كفارة عليه. ودليل ذلك قصة سليمان النبي عليه الصلاة والسلام حين قال: والله لأطوفن الليلة على تسعين امرأة تلد كل واحدةٌ منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله. فقيل له: قل: إن شاء الله فلم يقل اعتماداً على ما في نفسه من اليقين، فطاف على تسعين امرأة فلم تلد إلا واحدةٌ منهن شق إنسان، أي: نصف إنسان. فقال النبي-صلى الله عليه وسلم-: «لو قال: إن شاء الله لم يحنث، وكان دركاً لحاجته».
وأما الفائدة الثانية- وهي: أنه لو لم يفعل لم يحنث، يعني لو حلف أن يفعل شيئاً فلم يفعل وقد قال: إن شاء الله- فإنه لا حنث عليه، أي: لا كفارة عليه؛ لقول النبي-صلى الله عليه وسلم-: «من حلف فقال إن شاء الله فلا حنث عليه».