الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

حكم التأويل في الصفات

الجواب
التأويل في الصفات منكر لا يجوز، بل يجب إمرار الصفات كما جاءت على ظاهرها اللائق بالله -جل وعلا- بغير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل، فالله -جل جلاله- أخبرنا عن صفاته وعن أسمائه، وقال: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾[الشورى: 11] فعلينا أن نمرها كما جاءت، وهكذا قال أهل السنة والجماعة: أمروها كما جاءت بلا كيف، أي أمروها كما جاءت بغير تحريف لها ولا تأويل ولا تكييف، بل يقر بها كما جاءت على ظاهرها وعلى الوجه الذي يليق بالله -جل وعلا- ، ومن دون تكييف ولا تمثيل. فيقال في قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾[طه: 5] وأمثالها من الآيات إنه استواء يليق بجلال الله وعظمته، لا يشبه استواء المخلوقين، ومعناه عند أهل الحق: العلو والارتفاع.
وهكذا يقال في العين، والسمع والبصر واليد والقدم، وغير ذلك من الصفات الثابتة لله -جل وعلا- والواردة في النصوص الشرعية، وكلها صفات تليق بالله سبحانه، لا يشابهه فيها الخلق -جل وعلا- ، وعلى هذا سار أهل العلم من أصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم- ، ومن بعدهم من أئمة السنة، كالأوزاعي والثوري ومالك وأبي حنيفة وأحمد وإسحاق وغيرهم من أئمة المسلمين -رحمهم الله- جميعا.
ومن ذلك قوله تعالى في قصة نوح: ﴿وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا﴾[القمر: 15] الآية، وقوله سبحانه في قصة موسى: ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾[طه: 39] فسرها أهل السنة بأن المراد بقوله سبحانه: ﴿تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا﴾[القمر: 15]أي أنه سبحانه سيرها برعايته -جل وعلا- ، حتى استوت على الجودي، وهذا قوله في قصة موسى: ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾[طه: 39]أي على رعايته سبحانه وتوفيقه للقائمين على تربيته عليه الصلاة والسلام.
وهكذا قوله سبحانه للنبي-صلى الله عليه وسلم-: ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾[الطور: 48] أي أنك تحت كلاءتنا وعنايتنا وحفظنا، وليس هذا كله من التأويل، بل ذلك من التفسير المعروف في لغة العرب، وأساليبها ومن ذلك الحديث القدسي، وهو قول الله سبحانه: «من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ومن أتاني يمشي أتيته هرولة» يمر كما جاء عن الله سبحانه وتعالى، من غير تحريف ولا تكييف ولا تمثيل، بل على الوجه الذي أراده الله سبحانه وتعالى، وهكذا نزوله سبحانه في آخر الليل، وهكذا السمع والبصر، والغضب والرضا، والضحك والفرح، وغير ذلك من الصفات الثابتة، كلها تمر كما جاءت على الوجه الذي يليق بالله من غير تكييف، ولا تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل، عملا بقوله سبحانه: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾[الشورى: 11] وما جاء في معناها من الآيات.
أما التأويل للصفات وصرفها عن ظاهرها فهو مذهب أهل البدع من الجهمية والمعتزلة، ومن سار في ركابهم، وهو مذهب باطل أنكره أهل السنة والجماعة، وتبرأوا منه، وحذروا من أهله والله ولي التوفيق.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن باز(4/131-133)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟