الثلاثاء 22 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

حكم البناء على القبور وواجب الحكام والعلماء نحو هذا العمل

الجواب
البناء على القبور لا يجوز مطلقا، بل ذلك من أسباب الشرك، ومن فظائع الشرك، وقد قال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» وثبت في الصحيح من حديث جابر -رضي الله عنه- قال: «نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه» فلا يجوز البناء عليه، لا قبة ولا حجرة ولا مسجد، ولا غير ذلك، ولا يقعد عليه ولا يجصص، ولا يجعل عليه الستور والأطياب، كل هذا منكر ومن وسائل الشرك، فالواجب الحذر من ذلك، والواجب على المسلمين في كل مكان أن يحذروا هذا العمل السيئ الذي انتشر في بلاد كثيرة وفي مدن كثيرة، فالواجب هدم المساجد التي على القبور إذا كانت بنيت عليها، والقباب التي على القبور تهدم وتزال، هذا هو الواجب على الدول الإسلامية، أن يزيلوها وتكون القبور مكشوفة، ليس عليها شيء، أما إن كان القبر جديدا ودفن في المسجد، والمسجد قبله قديم فإنه ينبش القبر ويخرج ويدفن مع المقابر، ولا يكون في المسجد بل يجب أن ينبش وأن ينقل رفاته إلى المقابر العامة، ويبقى المسجد سليما يصلى فيه، أما إن كان القبر هو القديم، وبني المسجد عليه فإنه يهدم المسجد، ولا يجوز بقاؤه، يجب على رؤساء الدول الإسلامية المسؤولين أن يقوموا بهذا الواجب، وأن يمنعوا الناس من الشرك، من دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات، هذا شرك أكبر، وبناء المساجد على القبور بدعة، ومن أسباب الشرك؛ ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح عن جندب بن عبد الله البجلي قال -صلى الله عليه وسلم-: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد؛ فإني أنهاكم عن ذلك» ويقول -صلى الله عليه وسلم-: «لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» ولما قالت له أم سلمة وأم حبيبة: إنهما رأتا في أرض الحبشة صورا في بعض الكنائس، قال -صلى الله عليه وسلم- في حق النصارى: «أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك الصور» ثم قال: «أولئك شرار الخلق عند الله» فأخبر أنهم شرار الخلق، بسبب أعمالهم، وهي البناء على القبور، واتخاذ الصور عليها، فالواجب على الحكومات الإسلامية، وعلى جميع العلماء أن يسعوا في إزالة هذه الأبنية التي على القبور، من مساجد وقباب وغيرها، وأن تكون القبور بارزة مكشوفة ليس عليها بناء، ولا مانع من رفع القبر قدر شبر، حتى يعرف أنه قبر، ويكون له لحد، ويكون التراب الباقي يرمى على القبر حتى يكون فوقه، ليدل على أنه قبر، وعليه نصائب ويكون قدر شبر أو نحوه، حتى يعرف أنه قبر، أما البناء فلا يبنى عليه لا مسجد ولا غيره، ولا قبة ولا غيرها، ولا يجوز أن يدعى صاحب القبر، يقول: يا سيدي، أو يا فلان، أو يا أبا عبد الله، أو يا محمد. أو يا فلان اغفر لي، أو انصرني، أو اشف مريضي، أو أنا في جوارك. ولا يقال: يا رسول الله، ولا يا أبا بكر. ولا يا سيدي البدوي، ولا يا سيدي الحسين، ولا يا سيدي عبد القادر، ولا غيرهم، لا يجوز هذا كله، بل هذا من الشرك الأكبر؛ لأن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات من الشرك الأكبر، فلا يدعى الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولا غيره من الصحابة ولا غيرهم من العلماء، بل هذا من الشرك الأكبر عند جميع أهل العلم من أهل السنة والجماعة.
وقد كانوا في الجاهلية يعظمون القبور، ويدعونها من دون الله، ويستغيثون بأهلها، فنهى الله عن ذلك، وحرم ذلك على المسلمين، قال عز وجل: ﴿فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾[الجن: 18]. وقال سبحانه: ﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾[المؤمنون: 117]. وقال عز وجل: ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ﴾[فاطر: 13-14]. فسماه شركا سبحانه وتعالى، فدعاء الأموات وسؤالهم الشفاعة أو النصر على الأعداء، أو شفاء المرضى أو النذر لهم أو الذبح لهم كل هذا من الشرك الأكبر، ومن عبادة غير الله، والله سبحانه يقول: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾[الإسراء: 23]، وقال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾[البينة: 5]، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «الدعاء هو العبادة» فدعاء الميت عبادة وشرك بالله سبحانه وتعالى، نسأل الله السلامة والعافية، ونسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يمنحهم الفقه في الدين وأن يصلح ولاة أمرهم، حتى يزيلوا ما وقع من الشرك وذرائعه ووسائله.
المصدر:
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(14/ 88- 92)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟