الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

حكم إصابة العمود أثناء رمي الجمار وما الحكم إذا لم تقع الحصى في الحوض ؟

الجواب
الحكم في ذلك أنه لا يجب أن تضرب الجمرة، لأن هذه الأعمدة الموجودة في أراض الجمار مجرد علامات على مكان الرمي، والواجب أن يقع الحصى في نفس الحوض، فإذا وقع الحصى في الحوض فهذا هو الواجب سواء استقر في الحوض، أو تدحرج منه، فأنت أحرص على أن تدنو من الحوض حتى يكون عندك يقين، أو غلبة ظن بأن الحصى وقع في الحوض، فإذا تيقنت، أو غلب على ظنك؛ لأن التيقن قد يتعذر في هذا المقام، فإذا غلب على ظنك أنه وقع في الحوض، فإن هذا كافٍ. ولو طاشت بعض الحصيات ولم تقع في الحوض، فلا حرج عليك أن تأخذ من تحت قدمك وترمي بقية الحصيات، ولو تعذر عليه أن يأخذه ما تحت قدميه وخرج من الزحام ثم أخذ حصى ورجع ورمى فلا حرج أن يكمل الباقي فقط.
وبالمناسبة: فإن كثيراً من العامة يعتقدون أن رمي الجمرات رمي للشياطين، ويقولون: إننا نرمي الشيطان، وتجد الإنسان منهم يأتي بعنف شديد، وحنق وغيظ، وصياح وشتم وسب، لهذه الجمرة - والعياذ بالله - حتى إني رأيت قبل أن تبنى الجسور على الجمرات، رأيت رجلاً وامرأته وقد ركبا على الحصى يضربان بالحذاء، أو بجزمات، هذا العمود الشاخص، ويسبانه ويلعنانه، ومن العجيب أن الحصى يضربهما، ولا يباليان بهذا، وهذا من الجهل العظيم، فإن رمي هذه الجمرات عبادة عظيمة قال فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله» هذه هي الحكمة من رمي الجمرات، ولهذا يكبر الإنسان عند كل حصاة، لا يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بل يكبر ويقول: الله أكبر. تعظيماً لله الذي شرع رمي هذه الحصى، وهو في الحقيقة- أعني رمي الجمرات- غاية التعبد والتذلل لله سبحانه وتعالى؛ لأن الإنسان لا يعرف الحكمة من رمي هذه الجمرات في هذه الأمكنة، إلا لأنها مجرد تعبد لله سبحانه وتعالى، وانقياد الإنسان لطاعة الله وهو لا يعرف الحكمة أبلغ في التذلل والتعبد، لأن العبادات منها ما حكمته معلومة لنا وظاهرة، فالإنسان ينقاد لها تعبداً لله تعالى وطاعة له، ثم إتباعاً لما يعلم فيها من هذه المصالح، ومنها ما لا يعرف حكمته، ولكن كون الله يأمر بها ويتعبد بها عباده هي حكمة كما قال الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾[الأحزاب: 36] وما يحصل في القلب من الإنابة لله والخشوع والاعتراف بكمال الرب، ونقص العبد، وحاجته إلى ربه ما يحصل له في هذه العبادة فهو من أكبر المصالح وأعظمها.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(23/131)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟