الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 25-03-2020

تحريم شرب الدخان وبيعه

الجواب
إذا كان هذا الدكان استؤجر لعمل الطعام (السندويتش) أو غيره فالإجارة صحيحة، وإن استؤجر لبيع الدخان فالإجارة باطلة، ولا حق للمستأجر في هذا الدكان؛ لكن الغالب أن المؤجر لا يدري ماذا يفعله المستأجر في دكانه فالإجارة إذاً صحيحة، لكن إذا تمت المدة -أعني: مدة الإجارة- وجب على المؤجر أن يقول للمستأجر: إما أن تمتنع عن بيع الدخان وإلا فاخرج، ولا يجوز أن يعقد له الإجارة بعد ذلك وهو يعلم أنه سيبيع الدخان في هذا الدكان لماذا؟ لأن شرب الدخان محرم، والمعين على المحرم آثم مشارك له في الإثم، ودليل ذلك: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم- لعن آكل الربا وموكله» من آكل الربا؟ المرابي آخذ الربا سواء أكله أو لبسه، وموكله الذي أخذ منه الربا، انظر الذي أخذ منه الربا ملعون مع أنه مظلوم، شاهديه: ما عملهم؟ تثبيت العقد، لأنه بالشهادة يثبت، الخامس: كاتبه، أيضاً يثبت الربا، كلهم ملعونون على لسان النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنهم متعاونون.
فلما كان الدخان حراماً كان بيعه حراماً، وكان تأجير المحلات لبيعه حراماً، والأجرة محرمة، وأقول: إن الدخان حرام بأدلة القرآن والسنة والعقل: أدلة القرآن: الدليل الأول: قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً﴾[النساء:5] ما الفائدة من الأموال التي أعطانا الله إياها؟ أن تكون لنا قياماً تقوم بها مصالح ديننا ودنيانا، أي مصلحة في إنفاقها في شرب الدخان؟! لا مصلحة.
الدليل الثاني: قال الله تعالى: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً﴾[النساء:29] وشرب الدخان من أسباب قتل النفس، وانظر إلى الإحصائيات في البلاد التي تعتني بهذه الأمور كم تجد من الذين ماتوا بسبب الدخان.
الدليل الثالث: قال الله تعالى: ﴿وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾[البقرة:195] ولا شك أن الذي يشرب الدخان ملقٍ بنفسه إلى التهلكة، وانظر إلى جسمه! انظر إلى نفسه! انظر إلى حاله! ولو أنه سلم من ذلك لوجد نشاطاً وقوة كما علم بذلك من عصمهم الله منه بعد أن كانوا يشربونه.
أما السنة: فاستمع إلى ما ثبت عن الرسول عليه الصلاة والسلام من أنه نهى عن إضاعة المال، واسأل المدخن: هل هو يضيع المال، أم يحفظ المال؟ أقول: إنه يضيعه، حتى إن بعضهم -والعياذ بالله- يشتري الدخان ويدع أهله يتضاغون من الجوع! يقدم شراء الدخان على شراء الضروريات والحاجيات -نسأل الله السلامة- وهذا من إضاعة المال.
أيضاً شارب الدخان إذا لم يتيسر له شربه ماذا تكون نفسه؟ يضيق صدره، وتضيق عليه الدنيا، حتى الصلاة يؤديها وهو ضيق النفس غير مطمئن إليها، وفي الصيام حدِّث ولا حرج: سوف تضيق عليه الدنيا، ويثقل عليه الصيام، وشيء يثقل العبادات على الإنسان لا خير فيه.
أما العقل: فإن كل إنسان عاقل لا يرضى أبداً أن يبذل ماله فيما ليس بفائدة بل فيما فيه مضرة، كل إنسان عاقل لا يرضى أن يكون متلبساً بهذا الدخان ذي الرائحة الكريهة التي يفر منها كل إنسان، حتى إن بعض الناس إذا صف إلى جانبه في الصلاة أحد من شاربي الدخان ربما لا يستطيع أن يصلي، ينصرف إلى جهة أخرى، كل إنسان عاقل لا يمكن أن يفعل شيئاً فيه عليه الضرر.
ولهذا نحن في هذا المكان نوجه نصيحةً إلى الشباب أن يبتعدوا كل البعد عن الذين ابتلوا بشربه، فإنهم إذا شربوه ربما يوسوس لهم الشيطان فيشرب جليسهم، وإذا شرب الشاب وليس عنده فلوس، وسوف يضطر إلى تناوله بأي وسيلة، ألا يمكن أن يكون ذلك سبباً لبيع عرضه؟ بلى يمكن، شاب ليس عنده فلوس وقد اضطر إلى شربه سوف يصل إلى مراده بأي وسيلة، أو ربما يوجب له أن يسرق من مال أبيه أو من مال أمه أو من مال صديقه أو من مال من لا يعرف كل هذه آفات لشرب الدخان.
والقضايا والقصص فيما يترتب على شرب الدخان كثيرة جداً لا يليق بنا في هذا المجلس ونحن في بيتٍ من بيوت الله أن نذكرها؛ لأنها وخيمة جداً.
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى اللقاء الشهري، لقاء رقم(40)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟