الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

تجاوز الميقات من غير إحرام لجهله بأحكام المناسك فماذا يلزمه ؟

الجواب
من المعلوم أن المواقيت التي وقتها الرسول عليه الصلاة والسلام يجب على كل من مر بها وهو يريد الحج أو العمرة أن يحرم منها؛ لأن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أمر بذلك، فمن تجاوزها وهو يريد الحج أو العمرة ولم يحرم وأحرم من دونها فإن عليه عند أهل العلم فدية جبراً لما ترك من الواجب، يذبحها بمكة ويوزعها كلها على الفقراء، ولا يأكل منها شيئاً.
وأما قول العلماء: إن الإحرام ركن، فمرادهم بالإحرام نية النسك، لا أن يكون الإحرام من الميقات؛ لأن هناك فرقاً بين نية النسك وبين كون النية من الميقات، فمثلاً قد يتجاوز الإنسان الميقات ولا يحرم ثم يحرم بعد ذلك فيكون هنا أحرم وأتى بالركن، لكنه ترك واجباً وهو كون الإحرام من الميقات، والرجل حسب ما فهمنا من سؤاله قد أحرم بلا شك، لكنه لم يحرم من الميقات فيكون حجه صحيحاً، ولكن عليه فدية عند أهل العلم تذبح في مكة وتوزع على الفقراء، إن استطاع أن يذهب هو بنفسه وإلا فليوكل أحداً، وإن لم يجد من يوكله ولم يستطع أن يذهب فمتى وصل إلى مكة في يوم من الأيام أدى ما عليه.
وأوجه هؤلاء وغيرهم ممن يعبدون الله تعالى على غير علم فإن كثيراً من الناس يصلون ويخلون بالصلاة وهم لا يعلمون وإن كان هذا قليلاً؛ لأن الصلاة والحمد لله تتكرر في اليوم خمس مرات ولا نخفى على أحكامها الكلية العامة على أحد، لكن الحج هو الذي يقع فيه الخطأ كثيراً لا من العامة ولا من بعض طلبة العلم الذين يفتون بغير علم، لذلك أنصح إخواني المسلمين وأقول: إذا أردتم الحج فاقرأوا أحكام الحج على أهل العلم الموثوقين بعلمهم وأمانتهم، أو ادرسوا من مؤلفات هؤلاء العلماء ما تهتدون به إلى كيفية أداء الحج، وأما أن تذهبوا إلى الحج مع الناس ما فعل الناس فعلتموه، وربما أخللتم بشيء كثير من الواجب فهذا خطأ، وإني أضرب لهؤلاء الذين يعبدون الله تعالى على غير علم مثلاً برجل أراد أن يسافر إلى المدينة وهو لا يعرف الطريق فهل هو يسافر بدون أن يعرف الطريق ؟ أبداً لا يمكن أن يسافر إلا إذا عرف الطريق، إما برجل يكون دليلاً له يصاحبه، وإما بوصف دقيق يوصف له المسير، وإما بخطوط مضروبة على الأرض ليسير الناس عليها، وإما أن يذهب هكذا يعوم في البر فإنه لا يمكن أن يذهب، وإذا كان هذا في الطريق الحسي فلماذا لا نستعمله في الطريق المعنوي الطريق الموصل إلى الله ؟! فلا نسلك شيئاً مما يقرب إلى الله إلا ونحن نعرف أن الله تعالى قد شرعه لعباده، هذا هو الواجب على كل مسلم أن يتعلم قبل أن يعمل، ولهذا بوَّب البخاري- رحمه الله - في كتابه الصحيح فقال: (باب العلم قبل القول والعمل) ثم استدل على ذلك بقوله تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾[محمد: 19] .
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(21/370)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟